الاثنين، أكتوبر 18، 2010

الأرض أرضي والفضاء فضائي



بقلم : ليلى الشهراني

الحرب على الفضائيات الإسلامية لم يكن وليد اللحظة , بل بدأ مع قناة المجد الفضائية , التي كانت أول فضائية إسلامية تبتعد عن الموسيقى والنساء في عرض برامجها.
ثم مع زيادة عدد القنوات الفضائية والتي كانت في مضمونها فارغة , قرر بعض رجال الأعمال خوض تجربة الإعلام النقي وفتح قنوات جديدة إسلامية .

هذا الشيء أرهق خفافيش الظلام , فلم يعد باستطاعتهم التغطية على كل قناة أو مهاجمتها فقرروا أن يستخدموا سلاح العاجز وهو تكميم الحريات .

وكان هذا الهجوم عبر قنوات تنشط في مجال الفضاء الإعلامي , وذلك بسيطرتها على معظم الفضائيات العربية , ومهاجمتها بقوة لكل فضائية سلفية , وسعيها الدؤوب على حجب كل القنوات الفضائية السلفية , وتتحجج بحجة قديمة , وهي الإرهاب وتأجيج الشعب على السلطة, ونسيت أن الحجب لا يعني القضاء على الشيء , فإن حُجبت قناة تخرج مئات القنوات , وإن خُنق صوت تخرج آلاف الأصوات .

فإن يهدموا بالغدر داري فإنها *** تراث كريمٍ لا يبالي العواقبا

لم يكن تبريرهم مقنع , كما ذكر الكاتب عبدالرحمن الراشد في مقالته (منع القنوات الدينية) والتي قال أنها قنوات تحرض على العنف الطائفي , وتعلم القتل وتجند العقول , وهنا لي وقفة مع الراشد وهو من أوائل المحرضين على الفتن (ما ظهر منها وما بطن) , فيكفي أنه كاد أن يفقد منصبه في العربية بسبب هذا التحريض الذي وللأسف لا يمارسه الراشد إلا على أهل السنة , وبالأخص (علماء الدين في المملكة) , ويعرف أن العنف لم ينطلق من قنواتنا الدينية كما يقول بدليل أن قناته العربية تتهم الشيعة في العراق بأنهم وراء التفجيرات والاعتداءات التي تحصل لمكاتبها وطاقمها في العراق , إذا كان هذا الشيء يحصل معها أنها أصبحت بمقام الإمام الثالث عشر عند الرافضة, فكيف بالمظلومين من المبغضين لهذه القناة التي تنشر الأكاذيب والفتنة ؟
كان البدء بإغلاق أربع قنوات دينية مصرية, بداية لما يتبعها من إجراء , فالمقصود ليس قناة الناس لأن أغلب ما يعرض فيها (دعاية للأواني المنزلية واللحف والأغطية) وليس المقصود قناة الحافظ فهي مجرد قناة تخرج مواهب مبدعة وناشئة يسيرون على خطا المقرئين الأفذاذ أمثال : عبدالباسط عبدالصمد , والحصري , والمنشاوي رحمهم الله .
هذه مجرد امتصاص لردة الفعل عما سيلحقها من إجراء , وهذا الإجراء هو إغلاق قناة (صفا , ووصال) , أما قنوات الرافضة :كقناة الأنوار , والعالم , والمنار, والكوثر.... وغيرها. والقنوات النصرانية : كالملكوت, المعجزة , ونور سات ...... وغيرها . وقنوات الدجل والشعوذة وقراءة الأبراج فهذه قنوات لا تخرب العقول , ولا تثير الطائفية ولا تفسد العقائد في نظر عبدالرحمن الراشد, بل فقط قنوات السلفيين هي من يتحسس منها الليبراليون المسيطرون على الإعلام اليوم .
كنت أتوقع أن إعلامنا لا يملك نفوذاً على الفضاء الخارجي , لكن عندما قرأت مقالة لأحد الكتاب عن الفضائيات الدينية ومطالبته بإغلاقها , ثم في اليوم التالي تم إغلاق 4 قنوات دفعه واحدة ثم تبعها الإغلاق التعسفي للقنوات الأخرى, أحسست أن إعلامنا يملك الفضاء العربي كاملاً وله كلمة مسموعة أيضاً , فبعد أن مارس عندنا الإغلاق لبعض القنوات والمواقع الإلكترونية بحجة "غير موجودة" هاهو يمد يده أيضاً للنايل سات , ليغلق قنوات الدين كما يسميها الراشد .
السؤال هنا هل قنوات الـ إم بي سي بريئة من تصدير الإرهاب للعقول ؟
في الأفلام التي تعرضها القناة في مجموعتها , يتعلم النشء كيف يقوم بخطف الطائرات , وذلك بتجميع قطع المسدس بعد أن يتم توزيعها على أفراد العصابة على متن الطائرة المراد خطفها .
في هذه الأفلام يتعرف النشء على طريقة تصنيع القنابل وزرعها في أماكن معينه مثل السيارات والبيوت .
في هذه الأفلام يتعلم النشء كيف يطلقون النار ببطولة على من يخالفهم , أو على من يريدون سلبه ماله , قد يطلق البطل النار على صديقه ليتزوج زوجته بعده , وقد يطلقها على عامل البنك كي يسلب ماله .
النشء يتعلم من هذه القنوات ما لا يتعلمه في القنوات الدينية , فهل رأينا قناة دينية تُعلم كيفية القتل أو التعذيب أو التمثيل بالجثث ؟
هل رأينا قناة دينية تعلم على الاغتصاب والإساءة للنساء ؟
هل رأينا قناة دينية تبث أغاني ماجنة لا تلهي الشباب كما يقول الراشد بل تقتل فيهم الأخلاق وتميت ضمائرهم وتجعلهم في الشوراع كالمسعورين لا يميزون بين طفل وامرأة .
أليس هذا إرهاب ناتج عن قنوات تستحق أن تغلق ويتمتع المشاهد العربي بإعلام نقي وليس إعلام يروج على الإرهاب , وترويج وتعاطي المخدرات , والقتل والسرقة ؟
قبل أن يتكلم الراشد عن خلل هذه القنوات الدينية لماذا لم يتكلم بكل إنصاف عن خلل هذه القنوات التي يديرها هو ومن معه . أم أنه فقط أسد على القنوات الدينية , ونعامة تدس رأسها في التراب عن أن تنتقد القنوات (الـ لا أخلاقية) .
ثم أين الحرية الكاذبة التي ينادون بها , الراشد ينادي بحرية الرأي الليبرالية , ولو كان بيده لقطع لسان مخالفية .
لم يبقى إلا أن يقول الليبراليون (الأرض أرضي والفضاء فضائي) فلم يكتفوا بخنق الصوت الإسلامي في الصحافة المحلية , ولم يكتفوا بتفريغ التلفزيون السعودي من الدعاة والمشائخ , ولم يكتفوا بإقفال ما يوجد في فضائنا , هاهي أيديهم تمتد في الفضاء الرحب لتمارس لعبتها القذرة وتقفل بعض الأصوات بحجة الفتنة وتترك مئات القنوات بحجة أنهم (أحبابهم وإخوانهم في الأرض والفضاء) .

هذه الخطوة تبين أن وضع الصوت الإسلامي بخير , وأن تأثيره يفشل كل مخطط خفي , وإقفال القنوات ما هو إلا شهادة من هؤلاء لنجاح الخطاب الإسلامي والقنوات الإسلامية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق