الثلاثاء، سبتمبر 17، 2013

مؤشر عالم واحد للديمقراطية يرصد الحريات والحقوق لأخر 90 يوم في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي فماذا وجد ؟


في إطار أنشطة منتدى رفاعة الطهطاوي –بيت تفكير مصري مستقل- والتابع لمؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني، يصدر المنتدى تقريره الدوري "مؤشر عالم واحد للديمقراطية- مصر- تقرير الـ 90 يوم الأخيرة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي" حيث تناول التقرير سبعة مؤشرات أساسية، وهي الحقوق والحريات المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الحكم الرشيد وسيادة القانون، التنافسية والتعددية السياسية والحزبية، الشفافية ومكافحة الفساد، حرية وفعالية المجتمع المدني ووسائل الإعلام، والأمن الداخلي والعلاقات المدنية العسكرية.
ويبرز التقرير فيما يتعلق بالحقوق والحريات المدنية والسياسية، أن الفترة محل الدراسة، شهدت استمرارا للانتهاكات بحق ذوي الأشخاص والمواطنين، متمثلا في التتقييد غير المبرر لحرية التنقل، واحتجاز واعتقال عدد من النشطاء السياسيين، وكذلك الانتهاكات الواسعة لحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية، والتي لم تشهدها البلاد منذ سنوات، حتى وصل الأمر إلى التربص والقتل من جانب مواطنين بحق مواطنين آخرين، متمثلة في حوادث القتل والعنف الطائفي بالخصوص، ومحيط الكاتدرائية، ومقتل عدد من الشيعة بالجيزة.
كذلك يشير التقرير إلى محاولات الإدارة السياسية للبلاد للنيل من حرية التنظيم والعمل الأهلي، الأمر الذي يكشف عنه مشروع قانون "منظمات العمل الأهلي" الذي أعلنت عنه رئاسة الجمهورية، حيث قننت مسودة القانون الجديد للمرة الأولى استحداث جهة رقابية جديدة ممثلة فيما يسمى باللجنة التنسيقية، والتي مُنحت سلطات واسعة للتدخل البوليسي في جدول أعمال وبرامج وأنشطة منظمات المجتمع المدني.
كما لم يرصد التقرير تحسنًا في الحقوق الإقتصادية والإجتماعية، الأمر الذي تناوله التقرير من خلال التصنيفات الدولية من حيث حجم البطالة و احترام حقوق العاملين، حيث وصلت معدلات البطالة بين الشابات في مصر إلى 40%، وفيما يخص حقوق العمال، يبرز التقرير إدراج لجنة المعايير بمنظمة العمل الدولية اسم مصر على قائمة الحالات الفردية والملاحظات (المعروفة إعلامياً بالقائمة السوداء)، التى لا تحترم حقوق العمال، لتكون بذلك ضمن أسوأ 5 دول بالقائمة لا تحترم اتفاقياتها الدولية. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، حيث عانى المواطنون من نقص الطاقة على مستوى الجمهورية، ولم يقتصر هذا النقص على نوع واحد من الطاقة، فقد تم رصد نقص في السولار والبنزين و الغاز، بالإضافة إلى قطع الكهرباء، مما أضر بأبسط الحقوق لدى الأفراد.
كما تناول التقرير أزمة المياة بالقرى والمراكز، وإعتماد بعضها على مياه الصرف الصحي في للاستخدامات الخاصة وريّ الأراضي مما أضر بمصالحهم وممتلكاتهم، أما على مستوى الرعاية الصحية، فقد تناول التقرير حالات التسمم الجماعي المتكررة وكان أبرزها طلاب المدينة الجامعية بجامعة الأزهر والذي وصل عددهم لأكثر من 500 طالب، بالإضافة إلى ذلك إحتلال مصر المرتبة الأولى عالميا في الإصابة بالأورام السرطانية، وذلك نتيجة لتلوث الأغذية.
أما على مستوى المشاركة السياسية والتعددية الحزبية، فقد أشار التقرير إلى التصعيد الشعبي لحركة تمرد والتي دعت إلى سحب الثقة من الرئيس محمد مرسي، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، على خلفية عدم وفاء الرئيس والحكومة بالتزاماتهم الدستورية نحو الدولة والمواطنين، وكذلك ألقى التقرير الضوء على ما شهدته تلك الفترة من زخم كبير ليس فقط فيما يتصل بالعملية الانتخابية بمعناها الإجرائي، وإنما فيما يتعلق باستعداد كافة القوى السياسية من أحزاب وحركات وتجمعات سياسية للعملية الانتخابية، ذلك فيما يخص الناحية التشريعية، ودور مجلس الشورى في مناقشة وطرح مشروعات القوانين، أو من الناحية التنظيمية على الأرض بين المواطنين على مختلف انتماءاتهم السياسية.
كما تناول التقرير ملف الأمن الداخلي والعلاقات المدنية العسكرية، حيث لم تشهد هذه الفترة استقرارًا ملحوظًا على الصعيد الأمني داخل البلاد، الأمر الذي تجلى في رصد عدد من الأحداث والجرائم التي انعكست على مدى تحقيق الأجهزة الأمنية للإجراءات اللازمة للسلم المجتمعي الداخلي في محافظات مصر، ولا سيما ما يجري على أرض سيناء، ويبرز التقرير حادث اختطاف الجنود المصريين وموقف رئيس الدولة وتحركاته تجاه الحادث والذي اتسم بالتباطؤ والمماطلة في إجراءات استعادتهم، كذلك تناول التقرير حكم المحكمة الدستورية العليا بإعطاء حق التصويت بالانتخابات لأفراد الجيش والشرطة، الأمر الذي قوبل بردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض.
كما لم يرصد التقرير تقدمًا بشأن ملف الشفافية ومكافحة الفساد، حيث لم تتم مناقشة الموازنة العامة للدولة بشكل معلن، الأمر الذي طالما نادت به الحركات الاجتماعية والقوى السياسية والشعبية، حيث يشير التقرير إلى حصول مصر علي المركز 82 من بين 100 دولة في تقييم "مسح الموازنة المفتوحة للعام 2012 "، مما يعد دليلا على استمرار عدم شفافية الحكوم، كما أبرز التقرير طرح حكومة هشام قنديل سياسة التصالح مع رجال الأعمال الذين تورطوا في قضايا فساد خلال عهد مبارك، الأمر الذي كان مرفوضا من قبل بعض قطاعات المجتمع المصري.
أما عن حرية وفعالية الإعلام والمجتمع المدني، فقد أبرز التقرير عددًا من الانتهاكات ضد حرية التعبير العامة بوسائل الإعلام بما فيها حرية الصحافة، والبث الإذاعي والتليفزيوني، الامر الذي تجلّي في ممارسات أجهزة الدولة القائمة على العمل الإعلامي متمثلة في وزارة الإعلام ووزيرها صلاح عبد المقصود، كذلك محاولة تمرير قانون حرية تداول المعلومات الذى أعلنت عنه وزارة العدل والذي يمس حرية الإعلام بشكل مباشر، كما أبرز التقرير قرار من وزير الإعلام، السيد صلاح عبد المقصود، بتحويل جميع العاملين بموقع أخبار مصر من محررين ومراسلين إلى إداريين، ومساواتهم بالعاملين في السكرتارية والشئون المالية والإدارية، إضافة إلى طريقة تعامله غير اللائقة مع الصحفيات.
كما أبرز التقرير تراجعًا شديدًا للحقوق الداعمة للمجتمع المدني بكافة تشكيلاته، والمتمثلة في الجمعيات الأهلية والمراكز والمؤسسات غير الربحية، وكذلك الروابط والاتحادات والنقابات المهنية والعمالية، الأمر الذي تمثل في نية الإدارة لإصدار تشريعات من شـأنها تقويض دور منظمات المجتمع المدني، وأشار التقرير إلى تعسف وزارة الداخلية ضد العاملين المدنيين بالوزارة، والمطالبين بحقوقهم المشروعة، الأمر الذي دفع الاتحاد المصري للنقابات المستقلة لإصدار بيان إدانة للوزارة، وكذلك محاولة تمرير قانون النقابات العمالية الذي وافق عليه مجلس الشورى، وتحفظت عليه أمانة العمال بحزب التجمع لخضوعه لحوار مجتمعي شكلي.
أما بشأن الحكم الرشيد وسيادة القانون فقد رصد التقرير عددًا من السياسات التي تدل على عجز الدولة في تحقيق الشفافية وإدارة الأزمات، وتحقيق مبدأ الفصل بين السلطات، وذلك من خلال التناول الهزيل لأزمة سد النهضة الإثيوبي حيث قامت الإدارة السياسية بتضخيم الأزمة من خلال إظهارها العداء تجاه إثيوبيا للرأي العام المصري، متجاوزة بذلك المحاولات الدبلوماسية لحل الأزمة. ذلك بالإضافة إلى تجاهلها مبدأ الفصل بين السلطات وتدخل السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس الشورى في شئون السلطة القضائية من خلال إعدادها لقانون السلطة القضائية والذي كان احد بنوده خفض سن التقاعد مما سيسفر عن إحالة 3000 قاض إلى التقاعد مما أعتبر مذبحة للقضاء. وفيما يخص سيادة القانون، لم تحترم الدولة القانون، حيث أن محكمة استئناف القاهرة حكمت بعودة المستشار عبد المجيد محمود لمنصبه كنائب عام، ولكن الحكومة لم تنفذ الحكم القضائي، يضاف إلى ذلك حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانونا انتخاب مجلس الشورى و معايير الجمعية التأسيسية للدستور.
وقامت منهجية مؤشر عالم واحد للديمقراطية المصرية على القراءة النقدية لمقاييس الديمقراطية التي تعكس الحريات السياسية والمدنية من خلال الاعتماد على سبعة مؤشرات أساسية، وهي الحقوق والحريات المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الحكم الرشيد وسيادة القانون، التنافسية والتعددية السياسية والحزبية، الشفافية ومكافحة الفساد، حرية وفعالية المجتمع المدني ووسائل الإعلام، والأمن الداخلي والعلاقات المدنية العسكرية، وذلك بهدف قياس درجة الديمقراطية في مصر دوريا للوقوف على أهم نقاط الضعف والقوة في مسيرة التحول الديمقراطي.
ويستعرض المؤشر من خلال تقييم هذه العناصر عملية للوصول إلى تحليل كيفي في تقييم الأوضاع الديمقراطية في مصر حيث يتناول أبعاد التحول الديمقراطي بالاستعانة بالبيانات الكمية من خلال رصد الاحداث والاخبار ذات الصلة بؤشرات الديمقراطية السبعة، وكذلك تقارير منظمات المجتمع المدني، والمنظمات الدولية، بشأن حالة الديمقراطية في الفترة محل الدراسة وتعتبر الأولولية الرئيسية لمؤشر اوسدي هو دعم وتسهيل التقييمات الديمقراطية التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني داخل الدولة والتي تتفق مع أولويات التحول الديمقراطي المتفق عليها داخليا، وكذلك الاهتمام بالتقييمات الشعبية، ويقوم المؤشر بدراسة كل بعد من ابعاد الديمقراطية في شكل منفصل، حيث أن كل بُعد له وزن نسبي مختلف عن الآخر.
ويقوم المؤشر على أساس الربط بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية في تركيب المؤشرات الفرعية، لتقييم مدى التقدم على طريق الديمقراطية في مصر، وقد لا يتم قياس عملية التحول الديمقراطي بشكل كمي تماما فهناك بعض المؤشرات التى يصعب قياسها كمياً, كذلك المنهج الكمي له مشاكل عديدة  خاصة وأن الهدف المنشود من المؤشر ليس تقديم إسهام علمي أكاديمي فقط  ولكن الأهم هو التأثير في عملية التحول الديمقراطي ذاتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق