الخميس، أبريل 15، 2010

سيادة الدولة ..... والبرنامج النووى المصرى

الدكتور سيد على المنجى

بقلم
الاستاذ الدكتور / سيد على المنجى
مستشار العلوم النووية
sayedelmongy@hotmail.com
تعد الطاقة النووية متمثلة فى تطبيقاتها السلمية او العسكرية بمثابة الرادع والحارس عن بعد لامن الدول وسيادتها , كما تعتبر دالة فى قوة الدول وترمومترا يقيس التقدم او التخلف فى مستوي النضج العلمى والمعرفى والتكنولوجى للامم. ولوضوح هذه الحقيقة عند متخذى القرار واصحاب الفكر والبعد الاستراتيجى منذ اللحظة الاولى لمولد معاهدة عدم الانتشار النووى NPT التى دخلت حيز النفاذ عام 1970 وخروجها من رحم التسلط والفوقية، قسمت وصنفت الدول( وهو ما اسميه الطبقية النووية او الطبقية الدولية للطاقة النووية ) الى ثلاثة مستويات وطبقات وهم
1) دول نووية NWS وهى التى فجرت السلاح النووى قبل 1 يناير عام 1967
2) دول منتسبة ليسو اعضاء بالمعاهدة حتى الان وهم اسرائيل والهند وباكستان
3) دول غير نووية NNWS وفى مقدمتها دول الشرق الاوسط

وبالرغم من بلورة اهداف معاهدة عدم الانتشار النووى بصورة بها نبل ظاهرى متمثل فى اهم نقاطها مثل
1- تحقيق إيقاف سباق التسلح النووي ونزع السلاح النووي Disarmament
2- تجنب خطر الحرب النووية
3- تطبيق نظام الضمانات النووية والمراقبة بواسطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية
4- مساعدة الدول غير النووية في الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية

الا ان مبدأ الطبقية النووية الخفى والمعلن الدفين والمتوارث فيما بعد كان المهيمن والمتحكم والموجة للانشطة النووية للدول غير النووية بداية بالمقدمة الامامية لدورة الوقود النووى (مثل تخصيب وتصنيع الوقود النووى) الى المقدمة الخلفية (مثل اعادة معالجة الوقود المحترق ).
الا انة فى خضم تطبيق المراقبة والضمانات النووية على الدول غير النووية , اعنى دول الشرق الاوسط ما عدا اسرائيل, وايضا كوريا الشمالية وجنوب افريقيا, اكتشفت نقاط ضعف انظمة التحقق والتفتيش الدولى الشامل التقليدى للوكالة الدولية للطاقة الذرية , حيث جن الجنون وانبرت الدول النووية لوضع التدابير الصارمة اللازمة (سميت فى بدايتها بالمشروع 93+2) لتسد اية ثغرة او نافذة قد يتسلل منها المتسللون لبرامج نووية سلمية ذات صبغة تكنولوجية متقدمة او امام اصحاب نوايا الاستخدامات النووية العسكرية ولسنا منهم, تمخض عن ذلك ما يعرف فى صورتة النهائية بالبروتكول الاضافى لمعاهدة عدم الانتشار النووى عام 1997 (الوثيقة رقم INFCIRC/540 ) .
وبمبدأ الفوقية والطبقية النووية يطلب من الدول غير النووية ان توقع وتصدق على التدابير الجديدة التى احتواها البروتوكول الاضافى ,والذى يهدف فى حقيقتة إلى تشديد قبضة التحكم الدولي على كافة الأنشطة النووية السلمية بحيث تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالسيطرة والمراقبة الكاملة على ألانشطة المعلنة للدول والكشف عن الانشطة النووية السرية غير المعلنة Undeclared nuclear activities بغية كما يقولون ترسيخ وتدعيم مفهوم عدم الانتشار النووي ومحاربة الإرهاب النووي والحيلولة دون وصول السلاح النووى للدول غير النووية. بينما فى حقيقة الامر ان تدابيرهم سوف تؤدى الى تقويض وتحجيم الدول غير النووية من التوسع فى البحث العلمى والتطوير فى مجال الاستخدامات السلمية للتكنولوجيا النووية , وذلك بالرغم من غض الطرف عن عدم انضمام دول اخرى مثل اسرائيل الى معاهدة NPT وتحقيق مفهوم عالمية المعاهدة. وما مؤتمر واشنطن بالامس القريب عن الامن النووى الا شكل من اشكال الهيمنة والتحكم .
وفى اطار ضغوط ومناورات الطبقية النووية فان قائمة الدول العربية المنضمة الي البروتوكول الجديد (كلا حسب ظروفة ورؤيتة ) تتنامى يوما بعد يوم حتى اصبحت الان :
الأردن فى 28/7/1998 ( وقعت ثم صدقت عل البروتوكول)
الكويت فى 2/6/ 2003 (وقعت ثم صدقت عل البروتوكول )
ليبيا فى 10/3/2004 (وقعت ثم صدقت عل البروتوكول)
الجزائر فى 14/9/2004 ( موافقة مجلس محافظي الوكالة الدولية)
المغرب فى 22/9/ 2004 ( توقيع )
تونس فى 24/5/2005 ( توقيع)
الامارات فى 8/4/2009 (توقيع )

والجدير بالذكر ان التفتيش الدولي بتدابيرة الجديدة ( يعرف ايضا بالضمانات المشددة ثم المتكاملة Strengthened and integrated safeguards) والتى ستطبق على كل من ينضم لهذا البروتوكول سيكون في اى وقت (حيث سيكون ابلاغ الدول عن عمليات التفتيش قبلها بساعتين فى الظروف الخاصة) كما سيكون فى اى مكان قد لايكون له علاقة بالمنشأت النووية مخترقا بذلك خصوصية وسرية الأماكن الصناعية والعسكرية للدول ومن ثم سيادة الدولة وامنها القومى.

وبالرغم من اننى اثنى على القرار الاستراتيجى للرئيس مبارك بتبنية برنامجا نوويا سلميا على ارض مصر الحبيبة وتأكيدة على ذلك فى افتتاح جلسة مجلسى الشعب والشورى فى 21/11//2009 وايضا تصريحات السيد وزير الكهرباء فى مؤتمر الطاقة النووية الذى انهى اعمالة فى فرنسا فى 10/3/2010عن رغبة مصر فى انشاء 4 مفاعلات نووية مع نهاية عام 2025 ,
الا اننى اهيب بهم ألا يكون قرار الدخول فى مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية بمصر مرهونا ومشروطا من قبل الاطراف الدولية والطبقية النووية بتوقيع وتصديق مصر على البروتوكول الاضافى لمعاهدة عدم الانتشار النووى وذلك من اجل الحفاظ على سيادة وامن مــصر من الاختراقات التي يحويها هذا البروتوكول بألياتة الجديد المتعددة مثل استعمال اجهزة الاتصالات المتقدمة داخل الدولة وتجميع المعلومات الاستخباراتية بواسطة المفتشين والتصوير بالاقمار الاصطناعية والتحليل البيئى واسع المدى WAEM وابلاغ الدولة عن الخامات والمواد المشعة ذات الصلة بدورة الوقود النووى وايضا الابحاث العلمية وهى حتما سلمية ..... بل وقد يمتد الامر الى وجوب الإبلاغ والمسألة عن نوايا واحلام العلماء الراغبين فى رفع راية بلادهم عالية فى سماء القمم. .......وهذه ليست الشيفونية المظلمة او التعصب للوطن مصر دون مبررا ولكنه انعكاس للواقع الاليم.... اللهم بلغت اللهم فاشهد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق