الاثنين، أبريل 09، 2012

" المشهد المصري على ضوء الحراك الشعبي وبناء المؤسسات الدستورية




منتدى الأربعاء في مؤسسة الإمام الحكيم يستضيف المدير التنفيذي للمركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية في مصر اللواء المتقاعد الدكتور عادل سليمان حول:

استضاف "منتدى الأربعاء" في مؤسسة الإمام الحكيم المدير التنفيذي لمركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية في مصر اللواء المتقاعد الدكتور عادل سليمان في حوار حول "المشهد المصري على ضوء الحراك الشعبي وبناء المؤسسات الدستورية"بحضور حشد من الشخصيات الدبلوماسية والدينية والثقافية..

وبعد كلمة تقديمية من المحامي الأستاذ بلال الحسيني، تحدث اللواء سليمان ومما قال:

" بسم الله الرحمن الرحيم..

تحية شكر وتقدير، لمؤسسة الإمام الحكيم على الدعوة التي وجهت إليّ، والتي تدل على الاهتمام بما يجري على الساحة المصرية من تطورات في أعقاب انطلاق ثورة الشعب المصري في الخامس والعشرين من يناير 2011..

وهذا الاهتمام وإن دل على شيء فهو يدل على أن هذه الأمة العربية والإسلامية إنما هي نسيج واحد مهما تباعدت المسافات أو تفرقت السبل، فما يحدث في أي بقعة من بقاعها يكون له رجع الصدى في كل أرجائها..

منذ تلقيت الدعوة للمشاركة في هذا الملتقى ـ منتدى الأربعاء ـ وأنا أحاول إعداد هذه الورقة من خلال متابعتي ومعايشتي لكل ما يجري على الساحة المصرية في محاولة لتقديم قراءة دقيقة قدر الإمكان للمشهد المصري على ضوء الحراك الشعبي وفي مختلف المجالات.. ولكن كنت ما أكاد أنتهي عند لحظة معينة، حتى أضطر للتوقف والمراجعة نتيجة للمتغيرات الحادة التي تطرأ على المشهد وتتسارع يوماً بعد يوم..

وهو ما دفعني لأن أقرر في نهاية الأمر التركيز على المحاور الرئيسية التي يمكن أن تكون دليلاً التي تقودنا إلى تكوين صورة أقرب إلى الواقع للمشهد على الساحة المصرية"..

وأضاف: "يبدو المشهد السياسي للوهلة الأولى وكأنه مشهد مضطرب أو ملتبس بالنسبة للكثير من المراقبين والمحللين سواء في الداخل أو في الخارج.. قد يكون هذا صحيحاً إلى حد كبير، في ظل ثقافة مجتمعية تكونت على امتداد سنوات طويلة.. وهي لا تستوعب فكرة التنوع والاختلاف، وترى أن الإجماع أو على أقل تقدير التوافق هو الصورة المثلى للاستقرار.. وما عدا ذلك هو الفوضى..

ولكن إذا ابتعدنا قليلاً عن المشهد وأمعنا النظر فيه فإننا نستطيع أن نرى الصورة بمنظور مختلف قد يكون أكثر وضوحاً.. من خلال المحاور الآتية..

· المحور الأول:

أطراف العملية/ اللعبة السياسية التي يدور حولها الحراك الشعبي وهي بالتحديد خمسة أطراف ظاهرة .. وتعلن عن نفسها صراحة.. وطرف خفي وإن كان ذي تأثير كبير..

الأطراف الخمسة الظاهرة هي:

1. المجلس العسكري الحاكم.. تحت مسمى إدارة شؤون البلاد..

2. الأغلبية البرلمانية التي أسفرت عنها الانتخابات وأكسبتها الشرعية.. ويمثلها التيار الإسلامي بجناحيه الإخوان المسلمون.. والسلفيون.. ويمثلها حزب الحرية والعدالة، وحزب النور..

3. القوى والتيارات السياسية داخل وخارج البرلمان والتي تعرّف نفسها بالليبرالية أو المدنية.. بمختلف توجهاتها.. الليبرالية والناصرية واليسارية، وحتى المحافظة..

4. القوى الدستورية من شباب الثورة ومن التحق بهم وأيضاً بمختلف توجهاتهم.. ومجال حركتهم الرئيس هو الميدان/ الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي..

5. القوى الشعبية التي يطلق عليها الأغلبية الصامتة، وأسماها المصريون، "حزب الكنبة".. وهي في الحقيقة تمثل الأغلبية التصويتية وتأثيرها لا يظهر إلا في صناديق الانتخابات إذا كانت مقتنعة بجدوى ذهابها.. كما حدث في إقبالها على الاستفتاء.. ثم انتخابات مجلس الشعب، وعزوفها عن انتخابات مجلس الشورى، وهي في الحقيقة هدف كل القوى الأخرى..

أما القوى الخفية، فهي قوى الثورة المضادة.. وهي التي حملت اسم "الفلول" وهي تلعب دوراً سلبياً بالغ الخطورة على مسار التحول الديمقراطي الحقيقي"..

وتابع: "تلك هي أطراف اللعبة التي تقود وتوجه الحراك الشعبي على الساحة المصرية سعياً إلى بناء المؤسسات الدستورية لبدء مرحلة التحول الديمقراطي الحقيقية.. لأن ما تعيشه مصر حالياً ليس مرحلة انتقالية ولكنها مرحلة استثنائية تمهد لبدء المرحلة الانتقالية..

ولتوضيح هذه النقطة الهامة والمحورية.. فإننا لكي نبني مؤسسات دستورية قادرة على إدارة عملية التحول الديمقراطي.. لا بد لنا من دستور يقره الشعب يحدد شكل النظام السياسي وطبيعة مؤسساته المختلفة وأسلوب بنائها وعلاقاتها..

ولكن لأن هذا لم يحدث لأسباب وملابسات كثيرة قد يكون بعضها مبرراً وبعضها غير مبرر.. فقد ذهبنا إلى بناء المؤسسات.. قبل وضع الدستور على أن تكون هذه المؤسسات منتخبة وممثلة للإدارة الشعبية.. وهي التي تتولى إدارة عملية وضع الدستور وطرحه للاستفتاء، وتلك المؤسسات تتمثل في البرلمان بمجلسيه الشعب الثوري ورئيس الجمهورية.. ومن هنا يأتي وصف المرحلة بأنها مرحلة استثنائية وليست انتقالية.. فطابع مؤسساتها طابع مؤقت مرتبط بشكل ومضمون الدستور القادم.. والذي سيحدد طبيعة تلك المؤسسات..

وهو ما خلق العديد من الإشكاليات التي جعلت الحراك الشعبي يتسم أحياناً بالحدة وأحياناً بالإرتباك..

وأول وأهم تلك الإشكاليات هي إشكالية الشرعية.. فأي المؤسسات تملك شرعية الحكم خلال هذه المرحلة الحساسة؟..

فهل المجلس العسكري وحكومته أم البرلمان؟.. وما هو تعريف الرئيس القادم؟.. ودوره وسلطاته وهو سيأتي عبر انتخاب وإرادة شعبية.. والمرحلة كلها يحكمها إعلان دستوري قاصر..

هذا عن المحور الأول وهو أطراف اللعبة أو العملية السياسية التي يدور حولها الحراك الشعبي..

أما عن المحور الثاني فقال سليمان: "المحور الثاني يشمل:

عناصر العملية السياسية التي يتحرك حولها الأطراف المختلفة:

1. العنصر الأول والرئيسي كان عنصر الشرعية فكل الأطراف سعت خلال هذه المرحلة وفي ظل الظروف التي تحكمها إلى الحصول على شرعية تعزز موقفها وتمكنها من فرض إرادتها..

2. المجلس العسكري. لا يملك شرعية شعبية، فاتجه نحو محاولة بناء شرعية خاصة تستند على فكرة حمايته للثورة..

3. التيار الإسلامي بجناحيه.. ركز كل جهوده لاكتساب شرعية الإرادة الشعبية عبر الانتخابات وقد نجح في ذلك إلى حد كبير وحقق الأغلبية البرلمانية.. ولكنه اصطدم بشرعية الأمر الواقع المتمثلة في المجلس العسكري والإعلان الدستوري..

4. القوى والتيارات الليبرالية المدنية التي حاولت أن تكسب شرعية المعارضة بحكم أنها الأقلية البرلمانية المنتخبة ولكنها فشلت في توحيد صفوفها.. فاتجهت نحو الضجيج والشعارات وأحياناً افتعال المشكلات.

5. القوى الثورية وهي تتمسك بدعوى الشرعية الثورية فهي الذي فجرت الثورة.. وهي التي قدمت التضحيات الحقيقية.. ولكنها لا تجيد قواعد اللعبة السياسية فلم تتمكن من ترجمة ذلك إلى شرعية تمثيلية في البرلمان..

6. أما القوى الشعبية أو الأغلبية الصامتة.. فقد أصابها الإرهاق والملل من طول المرحلة الاستثنائية.. وتفاقم المشكلات الاقتصادية، وما ترتب عليها من مشكلات اجتماعية.. إضافة إلى معاناتها من المشكلة الأمنية، فبدأت تعزف عن المشاركة وهذا ما ظهر جلياً في انتخابات مجلس الشورى وفي التفاعل مع ما يجري من سجالات وجدالات صارخة خاصة عبر وسائل الإعلام التي فقدت مصداقيتها إلى حد كبير..

7. ويبقى في الخلفية، قوى الثورة المضادة التي تشعر أنها تقاتل معركتها الأخيرة ولا تتوافى عن استخدام كل الوسائل الدستور مهما اتسمت بالعنف أو الخسة..

وختم اللواء سليمان:

على ضوء تحليل تلك المحاور، يمكننا فهم ما يجري على الساحة المصرية خلال هذه المرحلة الشديدة الحساسية والشديدة الأهمية وأيضاً الشديدة الخطورة على مستقبل مصر بالمنطقة بأثرها..

ولعل أهم ما يجري في مقدمة المشهد. ثلاثة قضايا رئيسية هي محور الحراك الآن..

أولاً: الصدام ما بين البرلمان والحكومة وفي خلفية الحكومة المجلس العسكري صاحب السلطة..

ثانياً: إشكالية تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور..

ثالثاً: الانتخابات الرئاسية التي ستنهي دور المجلس العسكري السياسي..

لتبدأ بعد ذلك المرحلة الانتقالية الحقيقية بكل ما يمكن أن تحمله من مشاكل وإشكاليات..

فالطريق ليس قصيراً.. ولكنه بدأ.. والهدف ليس سهلاً.. ولكنه سيتحقق. فالشرارة التي انطلقت في الخامس والعشرين من يناير 2011 ستظل مشعلة وهي تسري وتتجذر في أجيال الشعب المصري.. خاصة الشباب.. ولن تخبو..

والحقيقة التي يتمسك بها الجميع ويصر عليها أن الماضي ذهب ولن يعود.. والمعركة الحقيقية هي معركة المستقبل..

وفي الختام جرى حوار مطوّل بين المحاضر والمشاركين حيث طرحت العديد من الأسئلة والإشكالات حول "الأخوان المسلمين" ودورهم وعلاقتهم بالمجلس العسكري وأمريكا ودور الصوفيين والأزهر والكنيسة القبطية، ودور مصر السياسي والاستراتيجي. وأجاب اللواء سليمان عن هذه الأسئلة داعياً لقراءة المشهد المصري بواقعية وبعيداً عن النمطية والمعطيات القديمة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق