الاثنين، أبريل 16، 2012

الأزهر يدعو القوى الوطنية للتوافق الوطنى لتشكيل الدستور



استجابة لتطلعات المصريين في هذه المرحلة الدقيقة، ومناشدتهم الأزهر

الشريف لمواصلة سعيه الحثيث نحو التوافق الوطني، والوصول إلى كلمة سواء

في الشأن العام، تلتقي حولها القلوب، وتطمئن إليها العقول، اجتمعت نخبة

من كبار علماء الأزهر وبعض المثقفين المشاركين لهم، وتدارست الموقف

الراهن من كل جوانبه، وما تمليه الضرورة من احتكام جميع الفرقاء للعقل،

وتغليب الصالح العام، واستلهام منطق الوسطية والتسامح والمحبة في تراثهم

الديني وثقافتهم الحضارية، وتقاليد العيش المشترك الودود فيما بينهم،

وإعمالاً لما أنجزه الأزهر والمثقفون من وثائق استرشادية، ارتضاها الجميع

ووجدوا فيها بغيتهم، وظفرت باحترام وتقدير القاصي والداني، استجابة لذلك

كله اتفق المجتمعون على مناشدة المسؤولين وعقلاء الأمة بضرورة مراعاة ما

يلي :-

أولاً: التأكيد العملي على سيادة الحق والقانون، وضرورة خضوع المواطنين

كافة لأحكامه، والامتثال لأوامره ونواهيه، باعتبارها مناط الاستقرار،

ودعامة الحل للمشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فالقانون هو

حامى الحقوق، ولا يجوز التهاون في تطبيقه على الجميع، حفاظًا على هيبة

الدولة، وإقرار العدل، وتعزيز التكافؤ وحق المواطنة وضمانًا لتقدم

المجتمع نحو التحقيق الأمثل للتحول للديمقراطية المنضبطة بسيادة القانون

.

ثانياً:وجوب الاحتكام في هذا المسار القانوني للقضاء المصري الرصين ذي

التاريخ المشرف العريق، في كل القضايا والتقلبات، مع الحرص الكامل على

مراعاة استقلال القضاء ونزاهته، والحفاظ على هيبته، وتجنب ما يؤدى إلى

زعزعة الثقة به، أو النيل من مكانته، تأكيدًا لدوره التاريخي في بناء

الدولة المصرية الحديثة، وصيانة مؤسساتها، وتطبيق منظومات القوانين

العادلة فيها على الحكام والمحكومين معا؛ الأمر الذي يوجب على جميع

السلطات توفير مناخ الأمن والطمأنينة للقضاء، لكي يباشر مهامه دون ضغط من

مسئول أو ترويع من الجماهير، لكي تتم ممارسة جميع درجات

التقاضي الضامنة للعدل بسلاسة وسرعة، وتصبح عنوانا للحقيقية كما هو الشأن

فيها دائما.

ثالثاً: يتعين في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة الحفاظ الصارم على مبدأ

الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، في إطار التكامل

الحقيقي والتوازن التام بينها، دون السماح بأن تطغى سلطة على أخرى أو

تتدخل في شؤونها، حتى لا ينتشر الفساد والطغيان ويختل ميزان العدل.

رابعاً: يرى المجتمعون أن اللحظة الراهنة فارقة في مسار العمل الوطني،

وتتطلب أعلى درجة من التوافق لمواجهة التحديات المطروحة، مما يقتضى تنازل

جميع الفرقاء عن جانب كبير من تحيزاتهم ومصالحهم ورؤاهم، حتى يلتقوا في

منتصف الطريق، وينجحوا جميعًا في تحقيق أهداف الثورة النبيلة، في العيش

المشترك والعدل الاجتماعي والحرية والكرامة، ويتمكنوا من صناعة مستقبلهم

على أساس متين دون إحباط أو إخفاق.

ومن أجل هذا التوافق المنشود لابد من الاحتكام لما استقر في الأعراف

الدستورية في التجربة الحضارية المصرية والبناء عليه دون نكوص أو تراجع .

ومن ثم فإن الأزهر الشريف والمثقفين المشاركين له بصدد الشروع في مبادرة

حول مقترحات استرشادية تتضمن معايير ملائمة لتشكيل اللجنة التأسيسية

للدستور، توضع بين يدي الهيئة البرلمانية المنتخبة لمجلسى الشعب والشورى

للاسترشاد بها، انطلاقًا من مبدأ الجمع بين تمثيل مختلف فئات الشعب من

ناحية، وتحقيق أقصى درجة من الإفادة من الكفاءات الوطنية، واحترام النصوص

الدستورية في الوقت نفسه، من ناحية أخرى ..

ونحن إذ نأمل في ضمان اجتياز هذه المرحلة بسلام، والنجاح في إقامة

مؤسسات الدولة كلها واستكمال بنائها، وتحقيق أهداف الثورة نلتمس العون من

الجميع في التجاوب مع هذه المبادرة، وعلى الله قصد السبيل، وهو حسبنا
ونعم الوكيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق