الأربعاء، يوليو 13، 2011

دراسة علمية ترصد مخاطر الجدار العنصري الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني




كتب : محمود خلوف
حذرت دراسة علمية نال اليوم بموجبها الباحث المقدسي سعيد يقين عضو لجنة إقليم فتح في القدس درجة الدكتوراة بالعلوم السياسية من جامعة القاهرة، بتقدير ممتاز، من مخاطر السياسات الإسرائيلية الاستعمارية، وأن استمرارها يهدد حل الدولتين.
وجاءت هذه الدراسة تحت عنوان "الجدار العازل الإسرائيلي: دراسة في السياسة الديموغرافية والتطهير العرقي"، وأثبتت عدمية الإدعاءات الأمنية الإسرائيلية القائلة بأن الجدار ليس إلا احتياجاً أمنياً وليس له أي بعد سياسي.
وقالت الدراسة: الجدار لم يستهدف تحقيق أمن المجتمع الإسرائيلي بقدر ما استهدف إلحاق الإبادة السياسة بالشعب الفلسطيني من خلال تأبيد الفعل الاستيطاني في الضفة الغربية وتفكيك بنيتها المادية ليس فقط لمنع إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، وإنما تحقيق الترانسفير الزاحف للفلسطينيين جراء النتائج الكارثية التي خلقها الجدار على البناء الاجتماعي الفلسطيني.
كما أظهرت الدراسة أن الوظيفة التاريخية للاستيطان كقاعدة للمشروع الصهيوني والتعبير الأعمق لأيديولوجيته في فلسطين لا زالت فاعلة.
وتابعت الدراسة: إذا كان الاستيطان قد حقق تاريخياً جمعاً يهودياً منعزلاً ومعترف به دولياً بعد العام 1948، فإن الاستيطان في الضفة الغربية يستهدف وظيفياً منع إقامة كيان سياسي فلسطيني غربي النهر من جهة، والاستمرار في مصادرة حيز الحياة للفلسطينيين كجزء لا يتجزأ من مشروع التطهير العرقي للعرب في فلسطين.
وأضافت: في ضوء الخطاب الديموغرافي الإسرائيلي، فإن الجدار العازل الإسرائيلي الممتد في فلسطين، لم يفصل بين الفلسطينيين والمهاجرين اليهود، بقدر ما أسس لعملية فصل تاريخية بين الفلسطينيين أنفسهم أيضا من أجل وأد الفكرة الأخلاقية القائلة بدولة كل مواطنيها من جهة وهي النموذج (الثنائي القومية) وتكثيف يهودية إسرائيل من جهة أخرى.
واعتبرت الدراسة أن الجدار أعاد تأسيس الدولة اليهودية وطغيان جوهرها العنصري عبر الاعتقاد الإسرائيلي بأن حق العودة للشعب الفلسطيني لا يعني العودة إلى الأماكن التي هجروا منها فقط وإنما جعل الأماكن العربية المتبقية من فلسطين بمثابة معازل تستحيل الحياة فيها لمن لا زال يرغب للعودة إلى أي جزء من فلسطين.
وأثبتت الدراسة بأن الجدار العازل والنظام المرتبط به لا يستهدف عزل الفلسطينيين عن أراضيهم ومواردهم الطبيعية فقط, وإنما جعل الجدار نظاماً طارداً للسكان، على اعتبار أن الطرد ليس مرتبطاً بحالة حرب وإنما فعلاً مؤسسياً دائم ومركزي للعمل الاستيطاني في فلسطين، من خلال منظومة الإجراءات المتعلقة بالحد من الحركة والعمل والنشاط الإنساني بشكل عام.
كما أثبتت الدراسة بأن هذا الجدار وما سمي بالفصل الأحادي، ليس إلاّ تخليداً للاحتلال بفرض الوقائع الاستيطانية فرضاً قسرياً لوئد عملية التسوية السياسية التي بدأت منذ عقدين من الزمن. وحسم كافة القضايا المصيرية الأخرى المتعلقة بالقدس والمياه والحدود واللاجئين والمستوطنات. أي أن الخيارات الإسرائيلية هي سيدة الموقف وليست أية خيارات دولية أو إقليمية أو فلسطينية.
وبما يخص الأبعاد والجذور التاريخية الدينية للجدار أثبتت الدراسة أن القيم التوراتية الانعزالية، وثقافة وقيم الجدار هي ذات مكون تأصيلي حاكم في بناء الجدار بشكل خاص وفي السياسات الإسرائيلية تجاه الآخر بشكل عام "جمع منعزل وبالاغيار لا يكترث" (سفر يهوشع، 23-8).
كما أثبتت الدراسة مدى تأثر الحركة الصهيونية كحركة عنصرية استعمارية وحالة وظيفية للاستعمار الغربي المدى المعمق الذي تركه المضمون الاستعماري الغربي على الظاهرة الكولونيالية الصهيونية الاستعمارية والذي ظهر بشكل جلي في استلهام كافة رموز التفوق والنبوغ والتحضر لدى هذه الحركة في مشروعها الاستعماري في فلسطين، وذلك لأن الحركة الصهيونية كحركة استعمارية إنما وجدت ونمت في هذا المناخ الثقافي القيمي القائم على التمركز حول الذات العرقية والحط من قيمة الحضارات الإنسانية الأخرى المتوطنة في أماكنها التاريخية.
وعلى المستوى المقارن بين الحالة الصهيونية العنصرية ونظامها الإحلالي في فلسطين، فقد أثبتت الدراسة في إطار محاورها المختلفة : تفوق وشدة الممارسة والعنف العنصري الصهيوني مقارنة مع النموذج العنصري في جنوب إفريقيا كحالة قياسية نماذجية، وكان ذلك بسبب اختلاف الإطار المرجعي عند الحالتين، فإسرائيل ليست بحاجة للعرب كي تعيش، بينما كان الشعب الأصلي كمادة استعمالية حاجة ضرورية للأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا كي تستمر.
كما أثبتت الدراسة مدى تطابق كافة الإجراءات العنصرية التي تمارسها إسرائيل مع النموذج الاستعماري البائد في جنوب إفريقيا إزاء السكان الأصليين. وقد تجلى ذلك في جملة من الإجراءات الإسرائيلية المستنسخة عن نظام الفصل العنصري، وخاصة تلك الإجراءات المتعلقة بالعزل وضبط الحركة وتحديد مكان الإقامة ونظام التصاريح وقوانين وضع اليد وغيرها من الإجراءات الحرمانية التمييزية.
يشار إلى أن لجنة الحكم على رسالة الباحث سعيد يقين تكونت من: البرفيسورة نورهان الشيخ أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة مشرفا، وعضوية أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة البرفيسور سيد غانم، والسفير الفلسطيني في القاهرة الأستاذ الدكتور بركات الفرا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق