الجمعة، سبتمبر 24، 2010

تطهير نقابة المحامين .. لحماية القضاة والمحامين



بقلم/ د. محمد مجدي مرجان

المحاماة مهنة محترمة ولا شك وقد أنشأها القانون للدفاع عن المتهمين والمتخاصمين أمام القضاء ومساعدة المتقاضين على شرح وجهة نظرهم وتقديم مستنداتهم للمحكمة التي تنظر الدعوى ، وسواء كان هؤلاء المتقاضون أصحاب حق أم ظلمة ، مجرمين أم أبرياء ، خاصة وأن لكل قضية – سواء كانت مدنية أم جنائية طرفان – ففي القضايا المدنية ظالم ومظلوم وفي القضايا الجنائية مجرم وضحية أو مجني عليه ، والنيابة العامة هي الطرف المحايد والممثل للمجتمع وللمطالبة بحقوقه .. وإن كان القاضي أولاً وأخيرًا هو المحامي الأول ليس فقط عن صاحب الحق أو المظلوم ولكن بالطبع للضحية أولا وحتى عن المتهم والمجرم إذا كان قد تعرض لتلفيق أو تهويل أو تعذيب من قبل الشرطة ورجال الإدارة .. ونحن نكن كل الاحترام والتقدير لرسالة المحاماة وللعديد من زملاء الدراسة الذين يمارسونها مادامت مهنة أوجدها المجتمع لحاجة وضرورة بالنسبة لكثيرين حتى ولو كانت ضرورة نفسية خاصة بالنسبة لكثيرين ممن لا يملكون طلاقة اللسان وكذا لرجال الأعمال الذين لا تسمح لهم مسئولياتهم بمتابعة القضايا أمام المحاكم .. وفي الماضي كان المحامون ورجال القانون هم قادة المجتمع في كل المجالات وكان معظم الزعماء والوزراء وكبار رجال الدولة من رجال القانون ، خاصة وأن الدراسة في كليات القانون (الحقوق) في ذلك الوقت كانت جادة وكان يدخلها النابغون والنابهون وأبناء الأسر العريقة والشريفة ، فكان الطالب يخرج متسلحًا بالقانون وبالأخلاق أولا فهي الأساس .. وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ولكن الآن للأسف المرير فإن كليات القانون اليوم تقبل مطاريد الكليات الأخرى وتقبل أعدادًا هائلة وبالآلاف بعد أن كانت بالمئات ، وبأقل المجاميع من الطلبة الفاشلين الذين رفضت جميع الكليات قبولهم .. وبالطبع مع نظام الغش السائد في التعليم الآن فما أسهل الحصول على الشهادة .. قلة ضئيلة جدًا منهم من الجادين الحاصلين على الدرجات العليا وهم الذين يُرشَّحون للوظائف الهامة في التدريس والخارجية والهيئات القضائية ، وبالطبع فإن هذه الهيئات وخاصة القضاء لا تقبل هؤلاء لمجرد الشهادة أو المجموع ولكن بعد فحص كامل واختبارات دقيقة لأخلاق المرشح وعائلته وغير ذلك من الشروط التي تجعل المقبولين في هذه الوظائف الهامة على قدر كبير من العلم والوطنية والخلق القويم ، أما الغالبية العظمى من الخرجين فإنها تحاول طرق كل الأبواب في الجهات الأخرى فإذا نجح بعضها منها ، إما أفشل الفاشلين فلا مكان لهم سوى العضوية بنقابة المحامين بدرجة عاطل بالإعانة .. وهذه كارثة كبيرة على نقابة نحترمها جميعًا ، ونحترم أعضائها الذين تعوَّدنا منذ الصغر على سماع مرافعاتهم القيمة وعلمهم وأدبهم .
وكما هي النتيجة الطبيعية وفي ظل مناخ الحرية بلا قيود والتي تماثل الانفلات فقد تكررت ظاهرة بل وجريمة اعتداء هؤلاء الفاشلين الشواذ على رجال القضاء والنيابة العامة مما اضطر النائب العام إلى التدخل وإشهار سيف القانون حرصًا على صرح العدالة الشامخ الذي لطَّخه هؤلاء المجرمون .. ولكن لأغراض انتخابية محضة ومزايدات فارغة انبرى النقيب وبعض المزايدين معترضين ومحتجين ومعتصمين وهم أولى الناس بحماية القانون وصرح العدالة الذي يرتزقون منه ، ويسلم فمك يا رئيسنا العظيم وراعي قضائنا الشامخ عندما أعلنت وأكدت ردًا على المزايدين أنك لم ولن تتدخل في أحكام القضاء .. وكأن القدر والواقع والله سبحانه قبل الجميع شاء إسقاط فراغهم فقد انكوى النقيب ذاته ومجلس الإدارة بسيف المجرمين من هؤلاء السفلة فاعتدى بعضهم على النقيب ، واعتدى آخرون على بعض قادة النقابة مما اضطرهم إلى استئجار حرس خاص لحمايتهم من هؤلاء الغوغاء .. وهذا حقهم بالطبع ولكنني أتساءل أليس سدنة العدالة وخدام محرابها المقدس قضاة مصر العدول أولى وأحق بهذه الحماية لكي تعود للعدالة قدسيتها وللقانون سيادته.
لاشك أن هذا الواقع الأليم يستلزم مراجعة شاملة تبدأ أولا بضرورة إنشاء الشرطة القضائية التابعة للمحاكم وهذا مطلب قديم لكل رجال القضاء صار اليوم ضرورة حتمية عاجلة نلتمس من راعي القضاة والمتقاضين زعيمنا المبارك ومن عميدنا الكبير المستشار ممدوح مرعي وزير العدل سرعة تنفيذه .. كما نلتمس من نائبنا العام الموقر معالي المستشار عبد المجيد محمود تقديم باقي المجرمين الذين اعتدوا على محكمة طنطا وعلى المحامي العام والقضاة ورجال الشرطة بها ، وتوقيع أشد العقاب عليهم وتحميلهم كافة التعويضات الناتجة عن إتلاف المال العام ، وذلك لإعمال مبدأ سيادة القانون وحماية العدالة ورجالها ولصيانة المال العام الذي دفعه الشعب من قوت عياله .
مطلب بالغ الأهمية وهو ضرورة مراجعة جداول المحامين وإجراء تطهير شامل للنقابة وشطب كافة الشوارد والمجرمين ولفظهم وطردهم من صفوف هذه النقابة الهامة والمحترمة ، ليس فقط لحماية شرفاء المحامين ولكن حماية لاسم وسمعة هذه النقابة العريقة والتي صارت ترتبط للأسف بالبلطجية والإجرام ، وهذه سُبة خطيرة في جبين النقابة ، كما أنها مسيئة لمصر ولرجال القانون كافة .. وبالله التوفيق.

- رئيس محاكم الجنايات وأمن الدولة العليا بدرجة وزير .
- رئيس المنظمة العالمية للكتاب الأفريقيين والآسيويين
. m_morgan2006@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق