حتى ظهور الإنترنت لم يكن للمدونات سوى معنى واحد هو ما كُتِبَ وسُجّل حفظاً له من الضياع، سواء كانت الكتابة والتسجيل على الطين والحجر أو الجلد في الماضي السحيق أو على الورق في العصور الحديثة التي عرفت فيها المدونات القانونية والمدرسية.. وما إلى ذلك. الآن في عصر الإنترنت أصبح للمدونات مفهوم آخر، فالمدونة (Blog)هي صحيفة شخصية لفرد أو مجموعة تتخذ منها فضاء للرأي الحر. ولهذا يتعرض الكثير من المدونيين (Bloggers) في بلدان عديدة، وخصوصاً غير الديمقراطية إلى القمع والملاحقة .. باعتبارهم خرجوا عن «المألوف» وكشفوا شيئا من المستور أو المسكوت عنه. والمدونات أخذت بالانتشار منذ العام 1999، واستحوذت على اهتمام ملايين البشر من مختلف الثقافات والجنسيات، حتى باتت منافسا قويا لوسائل الإعلام لكونها أكثر أشكال حرية التعبير فاعلية وتأثيرا. كيف يرى الشباب الكويتي المدونات؟ وكيف يتعامل معها؟ الجواب في هذا التحقيق. يقول علي صالح وهو طالب يبلغ من العمر 21 سنة: «إن المدونات تتمتع بدرجة عالية من حرية الرأي والتعبير، وتعد من أكثر وسائل الإعلام صدقا وشفافية»، مدللا على ذلك بانتشارها الواسع في كل دول العالم بعيدا عن القيود والرقابة التي تفرض على وسائل الإعلام الأخرى. ويؤكد أن المدونات لاتتقيد بقوانين أو أجندات محددة، ولا تخضع لضغط المصالح الشخصية ومبدأ تبادل المنفعة، كما تعد حرية التعليق على محتوى المدونات من الأسباب الرئيسية في إقبال الجميع عليها. وتشير نورا عثمان (25 سنة) إلى أن المدونات فتحت مجالا للنقاش في موضوعات تم تهميشها أو التعتيم عليها بدعوى العادات والتقاليد، وخصوصا في الجانب الاجتماعي، وهو ما يتصادم مع عصرنا الذي تلاشت فيه الحدود والفوارق بين البشر من مختلف الفئات «فلا نستطيع مجاراة التطور العالمي طالما أن هناك قضايا مازال مجرد التعبير عنها بحرية مخالفة لقيم المجتمع وقوانينه».
تجارب متبادلة
من جانبها تقول جميلة رزق «35 سنة» «إن وسائل الإعلام سواء المسموعة أو المقروءة أوالمرئية تسارع إلى فتح مجال النقاش في الموضوع من كل الزاويا ونقل آراء ووجهات نظر أشخاص مهتمين بشكل مباشر أو غير مباشر عندما تقع أحداث هامة أو تثار قضايا رأي، بيد أن كل وسيلة إعلامية تعبر عن سياستها الخاصة وأفكارها التي تروج لها، فتستعين بأشخاص يحملون التوجه ذاته لدعم رسالتها بهدف تزييف رأي عام وهو ما يأتي بشكل ما على حساب المواطن العادي ويعكس وجهة نظر مغالطة عن الرأي العام الحقيقي في المجتمع. مشيرة إلى أن المدونات حل مثالي مكّن الجميع من نشر آرائهم بشكل مباشر وحر وسريع. ويَعتبر خالد، وهو موظف عمره27 سنة المدونات منبرا حرا وفرصة جيدة أتاحت لكل فرد التعبير عن رأيه في أي مجال بسهولة ومصداقية تفتقر لها وسائل أخرى، كما مكنت الشباب من التعبير عن أنفسهم ومشاكلهم بواقعية آرائهم ومشاركة أشخاص من جنسيات وثقافات مختلفة الرأي والأفكار حول قضايا معينة. ويرى أن تلك المدونات عبرت عن رأي حقيقي بعيدا عن المصالح والتوجهات وبناء جسور للتواصل والحرية بلا حدود وجس نبض حقيقي لنبض الشارع.. بيد أنه يوضح أن مشكلة المدونات الرئيسية تكمن في حذف المدوّن رسائل المعلقين أحيانا مما يمكن اعتباره رقابة على حرية الرأي التي ولدت من أجلها المدونات، في حين هناك من يمتلك من المصداقية والحرية ما يمكّنه من تقبل كل الآراء ونشر التعلقيات كافة دون حذف.
ظاهرة صحية
يعتقد الكثيرون بأن المدونات أهم وسائل الإعلام على الاطلاق، وأنها هددت عرش صاحبة الجلالة الصحافة استنادا إلى الحرية المطلقة التي توفرت للمدونات. وفي هذا الاتجاه يرفض أستاذ الإعلام بجامعة الكويت د.مناور الراجحي الاعتقاد السابق مؤكدا أن الصحافة مازالت تحتفظ بقوتها وبأنها السلطة الرابعة، ولا تتوقف وظيفتها عند حدود نقل الأخبار فقط، بل أنها أشمل من حيث ما تقدمه ومازال طرحها أفضل مما ينشر في المدونات. ويردف الراجحي: «إن الصحافة هي مرآة المجتمع وتتميز بالتنوع والتعدد والاختلاف ولايمكننا تهميش دورها أو دور وسائل الإعلام الأخرى أما المدونات فهي تتمتع بالانطلاق والتحرر الشديد من القواعد والقوالب واللغة واللهجة، وربما يعد هذا سببا هاما لانتشار المدونات والإقبال اللافت عليها. كما أنها وسيلة رخيصة يمكن الوصول إليها في أي وقت دون عناء».
مضمون متوازن
المدونات تعبر عن أفكار واتجاهات كتّابها وثقافتهم ورؤيتهم للأوضاع فهي تميل إلى الإعلام الشخصي أو الرأي الخاص. وحول اتجاه كتاب الأعمدة الصحافية إلى المدونات يقول الراجحي: «هناك فرضيات وأفكار لا يرغب بعض الكتّاب بنشرها ضمن مقالاتهم الدورية، والمدونات وفرت البديل المناسب». وعن مضمون المدونات الكويتية يوضح أن الكويت تتميز بثقافة الديوانيات التي تمتد طوال العام، وتناقش كل الموضوعات وتستوعب كافة الآراء، بيد أن المدونات تعتبر أكثر توسعا، لانتقالها من مساحة الديوانية إلى الميدان الرحب وعبور حدود المحلية إلى الإقليمية والعالمية بثوان معدودة. ويمكن للمتابع أن يلاحظ بسهولة التشابه بين ما تناقشه الديوانيات وما يدرج في المدونات الكويتية، رغم أن المضمون يختلف حسب اتجاه المدونة، ويمكن اعتباره متوازنا وجيدا مقارنة بمحتوى مدونات عربية أخرى.
لا للحظر
على الجانب الآخر يوجه الراجحي انتقادا شديدا لحظر المدونات وتجريم المدونين ويعبر عن رفضه التام لإغلاق أي مدونة مشيرا إلى الفزعة الإعلامية في العام الماضي المنددة بتلك السلوكيات التي تجرم المدونين ولاسيما الشباب لأن المدونات هي المتنفس الوحيد المتوفر أمامهم ولا يجب التعدي عليه لتأهيلهم للمشاركة في صنع القرار وتقدم المجتمعات. ويؤكد أن الكبت يولد الانفجار البعيد عن العقل، والذي تحركه مشاعرغير سوية قد تؤدي إلى الفوضى والهمجية. رافضا أي رقابة تفرض على المدونات واستخدام العنف. ويدعو الراجحي إلى استبدال العنف ضد المدونين بنشر وعي قيمة الكلمة المنقولة وقدسيتها كأمانة، خصوصا أن الحس الوطني والصفات الشخصية والأخلاقية تلعب دورا كبيرا في آراء وأفكار المدونين. مبينا أن الحرية لا تعني الخروج عن المألوف أو الطبيعي تحت مظلة حرية الرأي وإلا أصبحت فوضى غير محسوبة العواقب، في ظل موضوعات تقدم فيها معلومات مغلوطة على أنها حقيقة مؤكدة ومعروفة فيكون لها أثر سلبي بإثارة البلبلة والجدل المثير كالموضوعات التي تتناول الأديان والعقائد والتاريخ بالعشوائية والتزييف والغموض.
ثورة المدونات
يصل عدد المدونات في المنطقة العربية تبعا لآخر الإحصائيات المنشورة في منتصف العام 2008 إلى 490 ألف مدونة، وتأتي الكويت في المركز الثالث من حيث عدد المدونات، ويؤكد المراقبون أن هذه الأعداد في انخفاض مستمر نتيجة لسياسة الإغلاق والحظر التي تتبعها بعض الدول العربية مثل مصر والسعودية وسورية، وتعكس الأرقام الاهتمام والانتشار الواسع الذي حظيت به المدونات في العالم العربي. ويُمكن وضع عدد كبير من الأسباب وراء نجاح المدونات، أبرزها ما يؤكد عليه المدونون أنفسهم وهي التلقائية والحرية اللامحدودة دون الخوف من العقاب أو الوقوع تحت طائلة القانون لعدم وجود نصوص قانونية صريحة تفرض رقابة من أي نوع عليهم. لكن يجب ألا ننسى الرقابة المفروضة على شبكة الإنترنت من جانب الحكومات والتي يمنحها حق غلق ومنع المستخدمين على أراضيها من حق الولوج إلى مواقع أو صفحات معينة. ما يعد أداة ضغط قوية تملكها الدول للحد من حرية المدونات.
سلبيات الحرية
ورغم التأييد الذي تميزت به المدونات، لايمكن إغفال السلبيات التي تعاني منها، وعلى ضوء جولة «أوان» بين عدد من المدونات العربية والعالمية فإن البعض يستغل هذا المنبر الحر في نشر معلومات خاطئة وخطيرة في صورة ألفاظ وآراء تجنح نحو التعصب وتؤجج الفتن الطائفية حتى في أكثر الموضوعات قدسية كالأديان، وتبتعد عن العادات والتقاليد والتعاليم الدينية الحميدة، فهناك من يحاول ترسيخ معتقد شخصي ليس له مصادر موثقة سوى رأيه منفردا من دون الإشارة إلى خلفيته، علما أن معظم كاتبي المدونات تختفي هوياتهم الشخصية وخبراتهم العلمية والثقافية وراء أسماء مستعارة، فهل يعقل أن تثق بشخص لا تعرف عنه أبسط البيانات حتى اسمه؟!
ويمارس البعض الآخر قهر الحرية من خلال مدونته، في صورة حذف أي تعليقات لا تعجبه، وهو الأمر الذي استنكره كثير من أصحاب التعليقات. وما يمكننا أن ندركه للوهلة الأولى خلال مطالعة بعض المدونات الموجهة هو الترويج لفكر أو تيار أو تجمع باستخدام أسلوب التجريح والإشاعات، بهدف النيل من شخص أو معارضة ما وتصفية الحسابات بأي طريقة مهما بلغت من الخطأ، وهنا تندثر آداب الحديث وصفات الأمانة والصدق تحت أقدام مبدأ الغاية تبرر الوسيلة. ويرى كثيرون أن الموضوعات السطحية التي تتسم بالتفاهة والغوغائية والغرابة إحدى سلبيات إعلام المدونات، وهذا النوع من المدونين يسعى إلى الظهور والتواجد لا أكثر، بيد أنه يؤثر سلبا على القارئ الذي يضيع وقته هباء بلا منفعة تذكر ويشتت الانتباه عن أنواع أخرى هادفة.
حق مشروع
وكنتيجة لأهمية المدونات وما حققته من تفاعل ظهر أثره بشكل واضح اعتبرتها منظمات حقوق الانسان ممارسة طبيعية ومشروعة لحق التعبير عن الرأي وصورة من صور الاحتجاج السلمي يجب الدفاع عنها، ما دفع تلك المنظمات إلى إدانة حظر المدونات وتصنيفه ضمن الاعتداء على الحريات دون وجه حق، وسرعان ما انضم إلى تلك المنظمات مؤسسات وهيئات وأشخاص أعلنوا رفضهم تجريم المدونين وحجب مدوناتهم، بدعوى أنها تهدد الأمن العام، وتعمل على قلب نظام الحكم وهي أبرز الاتهامات التي توجهها بعض السلطات العربية لأصحاب المدونات المحظورة.
ويعد اتحاد المدونين العرب الذي تم إنشاؤه في العام 2006 أحد الجهات التي تحارب من أجل حرية المدونات، إلا أنها تكتفي حتى الآن بالشجب والإدانة، ولم يعلن عن تحرك قوي لوقف الاتهامات التي توجه للمدونين.
http://www.elaph.com/Web/NewsPapers/2009/10/494105.htm
تجارب متبادلة
من جانبها تقول جميلة رزق «35 سنة» «إن وسائل الإعلام سواء المسموعة أو المقروءة أوالمرئية تسارع إلى فتح مجال النقاش في الموضوع من كل الزاويا ونقل آراء ووجهات نظر أشخاص مهتمين بشكل مباشر أو غير مباشر عندما تقع أحداث هامة أو تثار قضايا رأي، بيد أن كل وسيلة إعلامية تعبر عن سياستها الخاصة وأفكارها التي تروج لها، فتستعين بأشخاص يحملون التوجه ذاته لدعم رسالتها بهدف تزييف رأي عام وهو ما يأتي بشكل ما على حساب المواطن العادي ويعكس وجهة نظر مغالطة عن الرأي العام الحقيقي في المجتمع. مشيرة إلى أن المدونات حل مثالي مكّن الجميع من نشر آرائهم بشكل مباشر وحر وسريع. ويَعتبر خالد، وهو موظف عمره27 سنة المدونات منبرا حرا وفرصة جيدة أتاحت لكل فرد التعبير عن رأيه في أي مجال بسهولة ومصداقية تفتقر لها وسائل أخرى، كما مكنت الشباب من التعبير عن أنفسهم ومشاكلهم بواقعية آرائهم ومشاركة أشخاص من جنسيات وثقافات مختلفة الرأي والأفكار حول قضايا معينة. ويرى أن تلك المدونات عبرت عن رأي حقيقي بعيدا عن المصالح والتوجهات وبناء جسور للتواصل والحرية بلا حدود وجس نبض حقيقي لنبض الشارع.. بيد أنه يوضح أن مشكلة المدونات الرئيسية تكمن في حذف المدوّن رسائل المعلقين أحيانا مما يمكن اعتباره رقابة على حرية الرأي التي ولدت من أجلها المدونات، في حين هناك من يمتلك من المصداقية والحرية ما يمكّنه من تقبل كل الآراء ونشر التعلقيات كافة دون حذف.
ظاهرة صحية
يعتقد الكثيرون بأن المدونات أهم وسائل الإعلام على الاطلاق، وأنها هددت عرش صاحبة الجلالة الصحافة استنادا إلى الحرية المطلقة التي توفرت للمدونات. وفي هذا الاتجاه يرفض أستاذ الإعلام بجامعة الكويت د.مناور الراجحي الاعتقاد السابق مؤكدا أن الصحافة مازالت تحتفظ بقوتها وبأنها السلطة الرابعة، ولا تتوقف وظيفتها عند حدود نقل الأخبار فقط، بل أنها أشمل من حيث ما تقدمه ومازال طرحها أفضل مما ينشر في المدونات. ويردف الراجحي: «إن الصحافة هي مرآة المجتمع وتتميز بالتنوع والتعدد والاختلاف ولايمكننا تهميش دورها أو دور وسائل الإعلام الأخرى أما المدونات فهي تتمتع بالانطلاق والتحرر الشديد من القواعد والقوالب واللغة واللهجة، وربما يعد هذا سببا هاما لانتشار المدونات والإقبال اللافت عليها. كما أنها وسيلة رخيصة يمكن الوصول إليها في أي وقت دون عناء».
مضمون متوازن
المدونات تعبر عن أفكار واتجاهات كتّابها وثقافتهم ورؤيتهم للأوضاع فهي تميل إلى الإعلام الشخصي أو الرأي الخاص. وحول اتجاه كتاب الأعمدة الصحافية إلى المدونات يقول الراجحي: «هناك فرضيات وأفكار لا يرغب بعض الكتّاب بنشرها ضمن مقالاتهم الدورية، والمدونات وفرت البديل المناسب». وعن مضمون المدونات الكويتية يوضح أن الكويت تتميز بثقافة الديوانيات التي تمتد طوال العام، وتناقش كل الموضوعات وتستوعب كافة الآراء، بيد أن المدونات تعتبر أكثر توسعا، لانتقالها من مساحة الديوانية إلى الميدان الرحب وعبور حدود المحلية إلى الإقليمية والعالمية بثوان معدودة. ويمكن للمتابع أن يلاحظ بسهولة التشابه بين ما تناقشه الديوانيات وما يدرج في المدونات الكويتية، رغم أن المضمون يختلف حسب اتجاه المدونة، ويمكن اعتباره متوازنا وجيدا مقارنة بمحتوى مدونات عربية أخرى.
لا للحظر
على الجانب الآخر يوجه الراجحي انتقادا شديدا لحظر المدونات وتجريم المدونين ويعبر عن رفضه التام لإغلاق أي مدونة مشيرا إلى الفزعة الإعلامية في العام الماضي المنددة بتلك السلوكيات التي تجرم المدونين ولاسيما الشباب لأن المدونات هي المتنفس الوحيد المتوفر أمامهم ولا يجب التعدي عليه لتأهيلهم للمشاركة في صنع القرار وتقدم المجتمعات. ويؤكد أن الكبت يولد الانفجار البعيد عن العقل، والذي تحركه مشاعرغير سوية قد تؤدي إلى الفوضى والهمجية. رافضا أي رقابة تفرض على المدونات واستخدام العنف. ويدعو الراجحي إلى استبدال العنف ضد المدونين بنشر وعي قيمة الكلمة المنقولة وقدسيتها كأمانة، خصوصا أن الحس الوطني والصفات الشخصية والأخلاقية تلعب دورا كبيرا في آراء وأفكار المدونين. مبينا أن الحرية لا تعني الخروج عن المألوف أو الطبيعي تحت مظلة حرية الرأي وإلا أصبحت فوضى غير محسوبة العواقب، في ظل موضوعات تقدم فيها معلومات مغلوطة على أنها حقيقة مؤكدة ومعروفة فيكون لها أثر سلبي بإثارة البلبلة والجدل المثير كالموضوعات التي تتناول الأديان والعقائد والتاريخ بالعشوائية والتزييف والغموض.
ثورة المدونات
يصل عدد المدونات في المنطقة العربية تبعا لآخر الإحصائيات المنشورة في منتصف العام 2008 إلى 490 ألف مدونة، وتأتي الكويت في المركز الثالث من حيث عدد المدونات، ويؤكد المراقبون أن هذه الأعداد في انخفاض مستمر نتيجة لسياسة الإغلاق والحظر التي تتبعها بعض الدول العربية مثل مصر والسعودية وسورية، وتعكس الأرقام الاهتمام والانتشار الواسع الذي حظيت به المدونات في العالم العربي. ويُمكن وضع عدد كبير من الأسباب وراء نجاح المدونات، أبرزها ما يؤكد عليه المدونون أنفسهم وهي التلقائية والحرية اللامحدودة دون الخوف من العقاب أو الوقوع تحت طائلة القانون لعدم وجود نصوص قانونية صريحة تفرض رقابة من أي نوع عليهم. لكن يجب ألا ننسى الرقابة المفروضة على شبكة الإنترنت من جانب الحكومات والتي يمنحها حق غلق ومنع المستخدمين على أراضيها من حق الولوج إلى مواقع أو صفحات معينة. ما يعد أداة ضغط قوية تملكها الدول للحد من حرية المدونات.
سلبيات الحرية
ورغم التأييد الذي تميزت به المدونات، لايمكن إغفال السلبيات التي تعاني منها، وعلى ضوء جولة «أوان» بين عدد من المدونات العربية والعالمية فإن البعض يستغل هذا المنبر الحر في نشر معلومات خاطئة وخطيرة في صورة ألفاظ وآراء تجنح نحو التعصب وتؤجج الفتن الطائفية حتى في أكثر الموضوعات قدسية كالأديان، وتبتعد عن العادات والتقاليد والتعاليم الدينية الحميدة، فهناك من يحاول ترسيخ معتقد شخصي ليس له مصادر موثقة سوى رأيه منفردا من دون الإشارة إلى خلفيته، علما أن معظم كاتبي المدونات تختفي هوياتهم الشخصية وخبراتهم العلمية والثقافية وراء أسماء مستعارة، فهل يعقل أن تثق بشخص لا تعرف عنه أبسط البيانات حتى اسمه؟!
ويمارس البعض الآخر قهر الحرية من خلال مدونته، في صورة حذف أي تعليقات لا تعجبه، وهو الأمر الذي استنكره كثير من أصحاب التعليقات. وما يمكننا أن ندركه للوهلة الأولى خلال مطالعة بعض المدونات الموجهة هو الترويج لفكر أو تيار أو تجمع باستخدام أسلوب التجريح والإشاعات، بهدف النيل من شخص أو معارضة ما وتصفية الحسابات بأي طريقة مهما بلغت من الخطأ، وهنا تندثر آداب الحديث وصفات الأمانة والصدق تحت أقدام مبدأ الغاية تبرر الوسيلة. ويرى كثيرون أن الموضوعات السطحية التي تتسم بالتفاهة والغوغائية والغرابة إحدى سلبيات إعلام المدونات، وهذا النوع من المدونين يسعى إلى الظهور والتواجد لا أكثر، بيد أنه يؤثر سلبا على القارئ الذي يضيع وقته هباء بلا منفعة تذكر ويشتت الانتباه عن أنواع أخرى هادفة.
حق مشروع
وكنتيجة لأهمية المدونات وما حققته من تفاعل ظهر أثره بشكل واضح اعتبرتها منظمات حقوق الانسان ممارسة طبيعية ومشروعة لحق التعبير عن الرأي وصورة من صور الاحتجاج السلمي يجب الدفاع عنها، ما دفع تلك المنظمات إلى إدانة حظر المدونات وتصنيفه ضمن الاعتداء على الحريات دون وجه حق، وسرعان ما انضم إلى تلك المنظمات مؤسسات وهيئات وأشخاص أعلنوا رفضهم تجريم المدونين وحجب مدوناتهم، بدعوى أنها تهدد الأمن العام، وتعمل على قلب نظام الحكم وهي أبرز الاتهامات التي توجهها بعض السلطات العربية لأصحاب المدونات المحظورة.
ويعد اتحاد المدونين العرب الذي تم إنشاؤه في العام 2006 أحد الجهات التي تحارب من أجل حرية المدونات، إلا أنها تكتفي حتى الآن بالشجب والإدانة، ولم يعلن عن تحرك قوي لوقف الاتهامات التي توجه للمدونين.
http://www.elaph.com/Web/NewsPapers/2009/10/494105.htm
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق