الخميس، يناير 16، 2014

تقرير تقييم نتائج مراقبة الاستفتاء علي مشروع الدستور 2014 حملة " شركاء في الوطن "


شهدت مصر علي مدار يومي 14 و 15 يناير 2014 أولي استحقاقات مرحلة ما بعد ثورة 30 يونيو و ذهب المصريون– في مشهد متكرر طيلة الثلاث أعوام الماضية – الي صناديق الاستفتاء للتصويت علي تعديلات دستور 2012 المعطل ، والتي بدت انها استفتاء علي دستور جديد ، حيث طالت التعديلات غالبية مواد الدستور المعطل ، فضلا عن استحداث 47 مادة ليس لها أصل في دستور 2012 ، و خلافا للاستفتاء السابق علي الدستور – ديسمبر 2012- بدا هذا الاستفتاء و كأن هناك تعبئة عامة للمصريين ، شاركت فيها غالبية الاطياف السياسية و الثقافية و الحزبية و الفنية، فضلا عن مؤسسات الدولة ،وكانت لتداعيات 25 يناير 2011 الاثر الاكبر في اهتمام المصريين بالشأن العام و السياسي بعد أن غابوا  أو بالأحرى غيبوا عنه طويلا و الذي ما زال مستمرا حتى الان .
وسط الأغاني و الاهازيج و الافراح الشعبية توجه المصريون الي صناديق الاستفتاء في مشهد بدا أنه ليس علي مشروع دستور بقدر استفتاء علي رفض حكم الاخوان المسلمين و القبول بخارطة الطريق للمرحلة الجديدة و استعادة الوطن المخطوف – علي حد قول كثيرين – الامر الذي يفسر مشاهد الفرحة العارمة التي شملت كثير من لجان التصويت ، و التي لم يعكر صفوها سوي محاولات جماعة الاخوان عرقلة الاستفتاء و التأثير علي المواطنين للتصويت برفض مشروع الدستور ، الامر الذي تطور في بعض الاحيان الي حالات واضحة من العنف وسقوط بعض القتلي، وصل عددهم الي 14 قتيل– حسب تصريحات وزارة الصحة - اضافة الي كثير من المصابين ، و القبض علي بعض عناصر تنظيم الاخوان.
في هذا السياق قامت الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي و استمرارا لدورها في دعم الممارسة الديمقراطية و دعم المشاركة الشعبية ومن خلال عدد 1100 مراقب منتشرين ميدانيا في لجان التصويت، بمراقبة فعاليات الاستفتاء علي مشروع الدستور ، و أصدرت الجمعية علي مدار اليومين عدد 9 بيانات، رصدت من خلالها اجراءات و مسار التصويت و تضمنت أبرز الانتهاكات و المشاهدات المتعلقة بعملية الاستفتاء علي مشروع الدستور ، ومع انتهاء عملية التصويت تصدر الجمعية تقريرها متضمنا أهم المؤشرات التي نتجت علي مدار يومي الاستفتاء .
وقبل اجراء البدء فى عملية الاستفتاء على مشروع الدستور اتخذت اللجنة العليا للاشراف علي الاستفتاء عدة اجراءات لمحاولة ضمان نجاح عملية التصويت ، شملت ما يلى:
·       اجراء عملية التصويت علي الاستفتاء علي يومين .
·       توفير الاشراف القضائي الكامل علي الاستفتاء.
·       تشكيل لجان وافدين لإتاحة الفرصة امام الناخبين المغتربين الادلاء بأصواتهم الانتخابية فى خارج دوائرهم الأصلية.
كما كلف الرئيس المؤقت والحكومة الجيش المصري بمعاونة وزارة الداخلية فى تامين عملية الاستفتاء علي مشروع الدستور الجديد ، وحفظ الأمن وحماية المنشآت الحيوية لحين اعلان نتيجة الاستفتاء على مشروع الدستور، والتى وصلت الى نصف مليون ضابط وجندى.
وفى هذا الاطار تؤكد الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي على  ما يلى:
·       قامت الجمعية بمراقبة الاستفتاء في مختلف المدن والمراكز بالمحافظات المصرية مستعينة بعدد 1100 مراقب
·       ان الجمعية اتاحت على مدار يومى الاستفتاء للرأى العام وبوضوح وشفافية نتائج اعمال مراقبتها من خلال ما اصدرته من بيانات وعبر موقعها الالكتروني
  www. easd-eg.org
·       ان الجمعية التزمت بالمنهجية المعتادة فى اعمال المراقبة ووفقا للقواعد والمبادئ الدولية المتعارف عليها.
وطبقا لما انتهت إليه أعمال المراقبة التى قامت بها الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطى لمجريات التصويت وعملية الفرز ، وفى اطار قيامنا بمراقبة (9%) فى المتوسط من اجمالى لجان التصويت ، تعلن الجمعية ما يلى:
·       أن عملية التصويت فى اطارها العام جرت وفقا للقواعد الاجرائية المتعارف عليها ، من قبل اطرافها الثلاثة " جهة الادارة ، والهيئة المشرفة ، وجماعة الناخبين".
·       ان الانتهاكات التى رصدها مراقبو الجمعية لم تكن ممنهجة من قبل اى من الاطراف الثلاثة التى شاركت فى عملية الاستفتاء ،باستثناء احداث العنف التى ارتكبها انصار جماعة الاخوان .
·       ان الجهات الادارية والأمنية المنوط بها الاشراف على عملية التصويت وتأمينها لم تتدخل فى توجيه سير عملية التصويت ، باستثناء بعض الانتهاكات التى سيشير اليها التقرير تاليا.
·       ان الانتهاكات فى مجملها العام لا تشكل خطورة ولا تنال اطلاقا من مصداقية عملية التصويت ونتائجها بشكل عام.
·       ان نسب المشاركة فى ال 9% من اجمالى اللجان التى راقبنها ترواحت ما بين " 34% الى 53% "
وانطلاقا من هذه المؤشرات فان الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي ، تدعو كافة القوى السياسية والمجتمعية الى اعلان قبولها لنتائج الاستفتاء ، واحترام إرادة الناخبين ،والالتزام بالنتائج المترتبة عليه .
ان الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي وهى تدرك صعوبة الفترة الراهنة التى  يمر بها الوطن ، فى ظل تصاعد حدة الارهاب ، وتفاقم الازمة السياسية ، ولجؤ جماعة الاخوان المسلمين الى العنف ، واعتماد الدولة المنهج الامنى كسبيل وحيد لحل الازمة ، تشدد على ضرورة التزام كافة الاطراف السياسية والمجتمعية بالقانون والممارسة السلمية واحترام حرية الرأى و التعبير، والحفاظ على مكتسبات ثورتى 25 يناير و30 يونيو.
 كما تطالب الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي ، بسرعة الانتهاء من قانون العدالة الانتقالية ، ليكون مدخلا لإعادة بناء دولة القانون ، ومحاسبة كل المتورطين فى ارتكاب جرائم ضد الامة ، كما تدعو كافة الاطراف التى تعلن التزامها بالعمل السياسى السلمى وتدين العنف والإرهاب الى الدخول فى حوار وطنى جاد وحر وغير مشروط حول كافة قضايا الوطن.
كما تؤكد الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي على رفضها لسياسة الاقصاء ، وتطالب كافة الاطراف بالالتزام بقواعد الديمقراطية ،والقبول المتبادل للآخر ،وإيقاف حملات الكراهية والتحريض المتبادلة، لبناء دولة وطنية حديثة تتسع للجميع.
وفيما يلي تستعرض الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي أهم المؤشرات الخاصة بأعمال المراقبة على الاستفتاء في تقريرها الختامى:
1- موقف الهيئات المعنية بالإشراف على الاستفتاء:
التزمت الهيئات المعنية بالإشراف على عملية الاستفتاء فى المجمل العام بالحياد اثناء عملية التصويت، باستثناء بعض الحالات الفردية ، حيث رصد مراقبو الجمعية قيام بعض القضاة وموظفى اللجان الفرعية وفقا لمواقفهم السياسية بمحاولات للتأثير على إرادة بعض الناخبين للتصويت بنعم او لا .
2- موقف الجهات الامنية المعنية بتامين الاستفتاء:
تشيد الجمعية بالدور الذى قامت القوات المسلحة فى تامين الناخبين خلال سير عملية الاستفتاء، وبتعاونها مع وزارة الداخلية فى حماية وتامين كافة المقرات الانتخابية، وبذل جهود ضخمة فى تسيير عملية التصويت على الناخبين ومساعدتهم ، حيث خصص ما يزيد عن نصف مليون ضابط وجندى من قوات الجيش والشرطة مدعومين بآلاف الاليات وبالطائرات لتنفيذ هذه المهمة ،
3-  استخدام المرافق العامة وتدخل الجهات الادارية والتنفيذية:
كانت ابرز التجاوزات التي تم رصدها من قبل المراقبين تدخل القيادات الادارية و التنفيذية - خلافا للقانون – في مسار العملية التصويتية ، حيث كان اللافت للنظر قيام المحافظين و رؤساء الادارات المحلية و بعض الوزراء بحث و حشد الناخبين للتصويت بنعم علي مشروع الدستور ، و كرست العديد من تلك القيادات مرافق الدولة و استخدام المال العام سواء لحث الناخبين مثل استخدام السيارات الحكومية  التي طافت الشوارع و الميادين و تحمل مكبرات الصوت لدعوة الناخبين و حثهم علي التصويت للدستور أو لنقل الناخبين الي مراكز الاقتراع.
4- توافر المواد الانتخابية المختلفة :
بدت الاستعدادات الادارية و التنظيمية المصاحبة للاستفتاء اكثر حرصا و توفيرا للمواد الانتخابية ، حيث لم يشهد الاستفتاء اي شكوى او نقص في المواد التصويتية ، حيث توافر الدعم اللوجيستي بصورة مميزة من الحبر الفسفوري الي استمارات التصويت و ساتر التصويت في كل لجنة انتخابيه ، ولم تشهد اللجان اي نقص أو شكوى بشأن المواد اللازمة لعملية التصويت.
كما تحسنت ظاهرتى التأخر فى فتح اللجان بسبب تأخر وصول القضاة اليها فى المواعيد المحددة ، و إغلاق بعض اللجان قبل الموعد المحدد لإغلاقها.
5- استمرار غياب تعاون لجنة الاشراف على الاستفتاء مع المنظمات المحلية:
استمرار لواحدة من ابرز السلبيات غاب تماما التعاون بين اللجنة المشرفة على الاستفتاء مع المنظمات المحلية وهو الامر الذى بات سمة أساسية لاى مشهد انتخابي ، حيث غابت اى آلية اتصال وتواصل بين غرفة عمليات اللجنة العليا وغرفة عمليات المنظمات المحلية لتبادل المعلومات وتلقي الشكاوي والبيانات الصادرة عن المراقبين الميدانين للمنظمات بما يكفل سرعة مواجهة الانتهاكات والحد منها بشكل سريع وعاجل .
6- تصاعد معدلات العنف:
العنف كان السمة الاساسية للانتخابات المصرية طوال عقود مضت، علي أن هذه هي المرة الاولي التي يطال فيها العنف التصويت علي الاستفتاءات ، وهو الأمر الذي شهدته عملية الاستفتاء خاصة خلال اليوم الاول ، بسبب محاولات جماعة الاخوان المسلمين وأنصارها عرقلة عملية التصويت لرفضها لمشروع الدستور ، و التي نتج عنها سقوط 14 قتيلا- حسب تصريحات وزارة الصحة ، فضلا عن عشر ات المصابين ، في مشهد هو الاول في تاريخ الاستفتاءات المصرية
7- نسبة المشاركة و مؤشرات عملية التصويت:
بلغ اجمالي الناخبين الذين لهم حق التصويت 52 مليون و 742 ألف و139  و قد تراوحت نسب التصويت في الاستفتاء علي مشروع الدستور في غالبية اللجان التي رصدتها الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي مابين 34 % الي 53 % ، الا أن بعض اللجان شهدت اقبالا ملحوظا و صلت نسبته الي 56 %  مثل لجان مدرسة عمار بن ياسر الابتدائية بالمقطم بمحافظة القاهرة ، فيما كانت هناك لجانا شهدت اقبالا منخفضا وصلت نسبته الي 10% مثل لجان مدرسة علوش الابتدائية بمدينة مطروح بمحافظة مرسي مطروح ، وكان يمكن ان ترتفع نسبة المشاركة كثيرا لولا مقاطعة معظم التيارات الاسلامية وجماعة الاخوان لعملية الاستفتاء.


8- الدعاية الدينية:
استخدمت الدعاية الدينية المتمثلة في قيام رجال الدين الاسلامى والمسيحى بدعوة الناخبين للتصويت بنعم ، وكذلك الحشد عبر المساجد والكنائس، وفى المقابل اطلقت فتاوى ودعوات من قبل رجال دين محسوبين على جماعة الاخوان والتيار الاسلامى تحرم المشاركة فى الاستفتاء.
9- ارتفاع معدلات الدعاية :
مثل كل الانتخابات و الاستفتاءات المصرية ، يحاول كل طرف التأثير علي ارادة الناخبين و التصويت لصالح وجهة النظر التي يتبناها بكافة الوسائل الممكنة،حيث كان الابرز في التصويت علي الاستفتاء ، زيادة حدة عملية الدعاية سواء من قبل المؤيدين أو الرافضين ، و التي استمرت دون توقف – تقريبا – طوال يومي الاستفتاء علي مشروع الدستور ،بداية من أجهزة الاعلام و السيارات التي تجوب الشوارع و قيام العديد من المواطنين و الشخصيات العامة و القيادات الادارية و التنفيذية للدولة الداعية للتصويت بنعم ، و مسيرات و تظاهرات الاخوان الداعية للتصويت بلا ، و صل الامر لانتهاك حقوق المواطنين و حرية حقهم في الاختيار فالتصويت بنعم أو لا حق يكفله القانون  و ليس جريمة.
10- تعاظم تبادل استخدام الحملات الإعلامية السوداء:
تعاظمت قبل عملية الاستفتاء على مشروع الدستور، عملية استخدام وسائل الإعلام المختلفة والفضائيات من قبل حملات المؤيدين والمعارضين للترويج التي تهدف للتأثير على اختيارات الناخبين ، وتشويه الاخر واثارة التعصب السياسى والكراهية المجتمعية ،وهو الامر الذى يحذر منه الجمعية لما يشكله من تهديد خطير للتماسك المجتمعى للوطن.
11- : زيادة مشاركة المرأة:
علي خلاف كل الخبرات و المشاهد الانتخابية و الاستفتاءات السابقة، حفل  الاستفتاء علي مشروع الدستور ، بتصدر النساء للتصويت ، في مشهد يؤكد اهتمام و زيادة وعي المرأة المصرية – علي اختلاف بيئاتها- بالشأن العام ، حيث كان الابرز في هذا الاستفتاء زيادة نسية المشاركين من النساء بصورة ملحوظة ، و الذي بدا وكأنه استجابة لدعوة الفريق اول عبد الفتاح السيسي بدعوة المصريات للمشاركة في الاستفتاء.
12- غياب الشباب:
في مشهد لافت للنظر و علي عكس غالبية التوقعات كان الاكثر حضورا في الاستفتاء من النساء و الرجال ، لاسيما كبار السن منهم، في ظل غياب ملحوظ للشباب ، أبطال المشهد المصري و الاكثر صخبا و ضجيجا طوال الثلاثة أعوام الماضية ، و التي يرجع البعض أسبابها الي موقف بعض النشطاء السياسيين من الشباب ، من تداعيات المرحلة الانتقالية ، فضلا عن الاتهامات و التسريبات التي طالت بعضهم و اتخاذ البعض موقفا معلنا في مقاطعة الاستفتاء ، والانعكاس السلبى للحملات الاعلامية الموجه فى مختلف الفضائيات والتى بدت وكأنها حددت خيارات الناخبين سلفا.
13-إجراءات الفرز:
تمت اجراءات الفرز فى اللجان الفرعية ، ولوحظ فى بعض اللجان القيام بالبدء في عملية الفرز رغم استمرار عملية التصويت بالمخالفة للقواعد القانونية المنظمة لإجراءات الفرز ، كما منع المراقبين والإعلاميين من متابعة عملية الفرز فى بعض اللجان
ملاحظات وتوصيات:
وفي الختام تؤكد الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي على مجموعة من الملاحظات والتوصيات أهمها :
·       تطالب الجمعية اللجنة العليا للاشراف على الاستفتاء بسرعة اجراء تحقيقات عاجلة فى التجاوزات التى حدثت،وإعلان نتائج هذه التحقيقات للرأى العام .
·       إعادة النظر في القواعد القانونية المنظمة للعملية الانتخابية لمواجهة القصور التشريعي الذي يحول دون تطبيق عقوبات رادعة وفعالة على مرتكبي التجاوزات القانونية.
·       سرعة انشاء الهيئة الوطنية للانتخابات كلجنة مستقلة ودائمة لإدارة كافة الفعاليات الانتخابية ، وبموازنة سنوية وجهاز ادارى وأمانة فنية بما يطور أدائها ويمنحها قدرة تنظيمية أكبر على أدارة مختلف الفعاليات الانتخابية وعلاقة أوثق وأكبر تفاعلية مع منظمات المجتمع المدني ومراقبيها الميدانيين .
وفى هذا الإطار تؤكد الجمعية أن الالتزام بمعاير النزاهة والشفافية من شأنه أن يدعم مصداقية االعمليات الانتخابية القادمة ، ويساهم في القبول بنتائجها في حين أن تجاهل معاقبة مرتكبي جرائم الاستفتاء ينال من مصداقية اى عملية انتحابية قادمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق