الاثنين، فبراير 25، 2013

رحل الشيخ وهبي غاوجي وظلت جهوده الفكرية نحو خدمة القضايا الإسلامية والألبانية




    بقلم: الأستاذ الدكتور/ بكر إسماعيل




فضيلة الشيخ الكبير/ وهبي سليمان غاوجي و الأستاذ الدكتور/ بكر إسماعيل

فقدت الأمة الإسلامية مؤخرًا علمًا من أعلام الدعوة والنِّضال من أجل الحق والعزة والكرامة!!
إنه فضيلة الشيخ/ وهبي غاوجي ابن الشيخ الكبير والعالم الجليل سليمان غاوجي.
 ولد الشيخ في مدينة شكودرا بألبانيا سنة 1923م، وتلقى تعليمه الأولى َّعلى يد والده في مسقط رأسه، ثم رحل في زهرة شبابه مضطرًّا إلى سوريا سنة 1937، ومنها إلى مصر (المملكة المصرية) آنذاك والتحق بالأزهر الشريف وواصل تعليمه حتى تخرج في كلية الشريعة.
كان والده إماماً كبيراً يخطب في جامع ( كوتشت) بألبانيا، وأسهم في بناء مسجد كبير عامر في حي جاروتس، في مدينة شكودرا، إلى جانب ذلك كان الشيخ سليمان والد الشيخ وهبي شجاعاً وطنياً، حارب مع أولاده ضد الصرب والشيوعيين لمّا حاصروا شكودرا سنة 1919م ولما ضاقت به الحال رحل إلى سوريا وأسس المدرسة الألبانية الشامية التي تُعنى بتعليم المهاجرين الألبان، وكان من بين تلاميذه في هذه المدرسة الشيخ المحدث الكبير عبد القادر الأرناؤوط.
ولما كان للشيخ سليمان تلك المكانة تتلمذ عليه ولده الشيخ وهبي ونهل من علومه وآدابه، ولم يكن الوالد هو الشيخ والمعلم الوحيد للشيخ وهبي، بل تلقى علومه علي المشايخ الكبار، أمثال حافظ حسن مصطفى، والشيخ إبراهيم سليمان ديبرا، والشيخ شعيب دغنورى… وغيرهم من مشايخ ألبانيا آنذاك.
وفي القاهرة أخذ عن جلة مشايخ الأزهر الشريف أصحاب العقول والقلوب السليمة فتأثر بهم ونهل من علومهم أمثال الشيخ فكري ياسين، والشيخ محمد زاهد الكوثرى، والشيخ مصطفى صبرى، والشيخ محمد بخيت المطيعى، والشيخ مصطفى المراغى، وغيرهم.
وفي سوريا أخذ من علماء كبار أمثال الشيخ حافظ صالح فرفور، والدكتور أبو يوسف عابدين مفتى سوريا السابق، والشيخ سعيد رمضان البوطي وغيرهم.
وفي المدينة المنورة أخذ عن أفاضل كثيرين أمثال الشيخ إبراهيم الحطنى، والشيخ عبد الله سراج الدين وغيرهما.
وقد حصل الشيخ وهبي على العديد من الشهادات الأكاديمية الجامعية والشهادات العليا، يضاف إلى ذلك حصوله على شهادات أخرى منها: شهادة من مكة المكرمة شرفها الله وحرسها من كل مكروه وسوء، وشهادة علمية من باكستان، وشهادة من سوريا ومن سكوبيا وبريشتينا وبلدان أخرى عديدة.
وكانت علاقات الشيخ وهبي بالعلماء والمشايخ طيبة، فحصلت له علاقات ودية وحميمة مع الشيخ محمد الحامد في سوريا، والشيخ محمد علي المراد، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة من حلب، والشيخ سعيد حوى، والشيخ محمد يوسف النبورى مدير المعهد الإسلامي في باكستان، والدكتور مازن المبارك وغيرهم.
كما تعاون الشيخ وهبي مع المرحوم الشيخ صالح المفتى مؤسس المشيخة الإسلامية الألبانية، في أمريكا وكندا، والشيخ شريف أحمد كبير علماء كوسوفا والشيخ حسين لطيف مدير المركز الإسلامي ببلجيكا، وغيرهم.
وكان هدف التعاون وعلاقات الود مع هؤلاء هو العمل من أجل القضية القومية الألبانية. وأصبح الشيخ وهبي نجماً يلمع في سماء الفكر الألباني، كما غدا رمزاً محبباً لدي الجميع بروحه العالية، وحاز إعجاب وحب واحترام العديد من جماهير الشعب الألباني في منطقة البلقان وغيرها تقديراً لجهوده في خدمة قضايا الألبان، وإثرائه للثقافة الدينية الألبانية والمكتبة الإسلامية.
ويعد الشيخ وهبي من الشخصيات المرموقة، في حياة الشعب الألباني وعطاؤه لا يزال مستمراً، في تربية الروح دينياً وفكرياً، ووطنياً، وثقافياً؛ فهو مثال للروح القومية العالية، ورمز للفداء ومفكر إسلامي كبير على مختلف المستويات.
أما عن جهوده العلمية والفكرية فلفضيلته ما يزيد على أربعمائة بحث ومقال في فنون مختلفة، وأكثر من خمسين كتاباً مؤلفاً في اللغة العربية والألبانية رغم بعده عن وطنه أكثر من خمسين سنة، لكنه كان دائم الاعتزاز بجنسيته الألبانية؛ لذلك قدم كثيرًا من الفوائد والأفكار والموضوعات لإخوانه المسلمين الألبان.
وعندما أتم دراسته بالأزهر الشريف خُيِّر بين أمرين: العمل في حقل التعليم والتدريس، أو العمل في القضاء، فاختار التعليم والتدريس؛ لما يراه من أن التعليم يتيح له الفرصة للإدلاء برأيه الحر، ورغبته في مزاولة وممارسة هذه المهنة الشريفة.
فعُين مدرسًا للعلوم الشرعية والإسلامية في مدارس البنات في مدينة حلب بسوريا سنة 1948م حتي سنة 1951م ثم انتقل إلى دمشق وأقام بها حتى سنة 1965م ليعمل مدرساً في معاهد مختلفة لتأهيل المعلمين والمدرسين، كما أسند إليه التدريس في جامعة دمشق.
في سنة 1966م انتقل إلى المملكة العربية السعودية ليعمل أستاذاً في جامعة ( الرياض) والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وكان ذلك بناءً على طلب مريديه هناك، وظل مدرساً بالمملكة لمدة خمس سنوات حتى سنة 1971م.
ثم عاد إلى سوريا، ثم رحل إلى المدينة مرة أخرى، ومنها إلى الأردن فعمل بها لمدة ثلاث سنوات، وهناك عُنى بكتابة البحوث وتأليف الكتب العلمية وإعدادها للطبع والإخراج.
وفي سنة 1986م رحل إلى دولة الإمارات العربية المتحدة ليعمل بها مدرساً بكلية التعليم الدينية واللغوية بدبى، ودرس هناك مادة الفقه الإسلامي.
وبذلك يتضح لنا أن الشيخ وهبي غاوجي عالم كبير، بذل جهوداً مشكورة في خدمة الإسلام وعلومه من خلال تدريسه للمواد الإسلامية في تلك البلدان.
ثم إنه برع في الخطابة وإلقاء الدروس الدينية؛ فخطب في مساجد كثيرة وألقى المحاضرات العديدة في مختلف الندوات والحفلات والمراكز الثقافية، وليس ذلك على المستوى المحلي فقط بل على المستوى العالمي، مع العناية بمراعاة الألبان وتثقفيهم أينما وجدوا.
وبعد وفاة والده سنة 1958م خطب نيابة عنه في مسجد أرناؤوط الذي أسسه الوالد وكان يخطب فيه.
ثم خطب في مسجد ( الشمسية) في سوريا، كما خطب في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة لمدة سنتين، وكان يخطب للحجاج ويلقى لهم الدروس في موسم الحج المبارك.
وكان اهتمام الشيخ وهبي بألبانيا والألبان عظيمًا رغم هجرته الطويلة عن بلده ووطنه، لكنه كان دائماً في اشتياق إلى الوطن والأهل والأقارب.
وفي سنة 1974م طلب زيارة ألبانيا ليعبر عن شوقه وحنينه لتراب الوطن، ولكن النظام الشيوعي لم يسمح له بذلك ومنعه من دخول ألبانيا.
لكنه سافر إلى كوسوفا ومقدونيا بمساعدة مفتى مقدونيا الشيخ حافظ بدر الدين الذي نظم له الدروس والمحاضرات في جامع سكوبيا عاصمة مقدونيا.
ثم سافر إلى بريشتينا والتقى بكبار علماء كوسوفا أمثال: الشيخ حافظ حسن ناهي الذي يُعَدُّ أول شخصية ترجمت القرآن الكريم إلى اللغة الألبانية.
وخطب الشيخ وهبي في مساجد كوسوفا، وكذلك ألقى الدروس في المحافل والندوات، وأماكن تجمع الشعب الألباني، واستقبل استقبالاً عظيماً، وتلقى الدعم من الجميع، وكذلك لقى ترحيباً واسعًا من مختلف الأوساط الكوسوفية والمقدونية.
وكانت زيارته لكوسوفا دافعاً له لكي يؤلف أول كتاب له باللغة الألبانية ( كيف ولماذا؟).
  ومما أذكره هنا أنني تتلمذت علي الشيخ؛ فقد درس لي أصول الفقه ، وكان ذلك في سوريا إذ لازمته زمنًا طويلاً، وكان يحل محل أبي في توجيهي وتعليمي.
  وفي سنة 1979 دعوته لزيارة كوسوفا (الاتحاد اليوغوسلافي ذلك الوقت) وزار كوسوفا الشرقية (هي الآن تحت الاحتلال الصربي)، كما زار كثيرًا من المدن، وألقى مجموعة من المحاضرات حول الإسلام.
ومن الطريف أنه في أحد أيام الجمعة ذهبنا للصلاة في بريشتينا عاصمة كوسوفا، وكان المسجد مكتظًا من المصلين ، وكان الشيخ وهبي يرتدي ملابس شبيه بالزي الأزهري على الطريقة السورية؛ فكان ثيابه بيضاء ولحيته بيضاء وعمامته؛ فتعجب الناس لذلك، وفهموا أن هذا الشخص ليس من أهل البلد؛ لأنهم تعودوا أن يروا الخطباء بمظهر آخر!! كان ذلك في زمن سيطرة الشيوعية، وكان كل من يتكلم لا بد أن يحصل على تصريح؛ فاتصلتُ بالشيخ (حسن ناهي) وهو من كبار العلماء في منطقة البلقان من المجموعة الأولى التي تخرجت في جامعة الأزهر الشريف، وأخبرتُ أن الشيخ وهبي موجود وسوف يصلي صلاة الجمعة في المسجد الكبير، وحضر الشيخ حسن، فكان الخطيب الذي صعد المنبر يخطب باللغة العربية؛ فسأل الشيخُ وهبي متعجبًا: هل الحاضرون يفهمون العربية؟! فكان الجواب: لا؛ فقال: لم لا تكون الخطبة باللغة الألبانية؟!. وكان في زمن الشيوعية تلقى الخطبة ملخصة بالعربية، لكن الدرس يكون باللغة الألبانية. وبعد انقضاء الصلاة بدأ الناس يغادرو المسجد لكن رءوسهم تنظر إلى الوراء تحملق في ذلك الوافد!!. في هذه اللحظة قام الشيخ حسن وأمسك بالميكروفون، وقال للناس: جاءنا ضيفٌ كبيرٌ عزيزٌ من بلد إسلامي عزيز، وعلى الرغم من أنه ضيفٌ لكن لا نرى أحد يعرض عليه الضيافة (أي لكي يلقي كلمة) وخاصة أنه ألباني هاجر صغيرًا مع أبيه إلى بلاد الشام هربًا من الشيوعية!! لكن عندما كبر أراد زيارة وطنه ومعرفة أحوال المسلمين هناك وتقديم ما يستطيع تقديمه في هذه الزيارة.
ثم تحدث الشيخ وهبي بالألبانية، ساعتها بدأ الناس يعودون إلى المسجد مرة أخرى، وسُروا بذلك كثيرًا حتى أن بعضهم لم يتمالك دموعه من الفرحة.
وخلال وجوده على مدى 18 يومًا زار كثيرًا من المدن خاصة كوسوفا الشرقية تلك التي ما تزال ترزح تحت نِير الاحتلال الصربي حتى بعد استقلال كوسوفا!! وكوسوفا الشرقية ثلاث محافظات، بها أكثر من 100 ألف نسمة منهم 98% على الأقل من المسلمين ذوي الأصول الألبانية !! وهذا يدعونا إلى عدم نسيان تلك البقعة الإسلامية التي تخرج فيها كثيرًا من العلماء المسلمين !!.
ونقول للشيخ بعد كل هذه السنوات: إن كثيرًا من دول العالم الإسلامي لم تعترف حتى الآن بكوسوفا المستقلة فما
بالنا بكوسوفا الشرقية وهي تحت الاحتلال الصربي؟!!.
كانت زيارة الشيخ في شهر رمضان، وكان الناس يتسابقون لاستضافته في بيتوهم، وكثيرًا ما ألقى الشيخ محاضرات وأقام ندوات بعد صلاتي الظهر والعصر وقبل صلاة التراويح، وكان الناس حريصين على حضور تلك الدروس. وقبل صلاة التهجد كان يجتمع أكثر من 200 شيخ من مختلف أنحاء كوسوفا وكوسوفا الشرقية، وكان يطرحون قضايا ذات خصوصية، كبعض القضايا الفقهية العويصة، وقضايا الأمة الإسلامية.
كبر الشيخ وترعرع وتعلم في غير موطنه لكنه كان دائمًا يحن إليه؛ لذا عندما اندحرت الشيوعية فرح كثيرًا؛ لأنه كان يحلم بأن يعود المسلمون في هذه البقعة إلى ما كانوا عليه قبل دخول الشيوعية.
وكان آخر لقاء بيني وبينه في سنة 2009م في دمشق عندما كنت ممثل لدولة كوسوفا في منظمة المؤتمر الإسلامي، وقد زرته في منزله وتجاذبت أطراف الحديث معه.
سافر الشيخ إلى بلجيكا فاستقبلته الجالية الألبانية هناك من كوسوفا ومقدونيا والجبل الأسود. وفي المركز الإسلامي في بروكسل التقى بصديقه القديم الشيخ حسين اللطيف من مدينة جيلان الذي كان يعمل إماماً لهذا المركز، كما تعرف على الشيخ إبراهيم بلدير من برشيفا.
وخلال إقامة الشيخ وهبي في بروكسل ألقى العديد من الخطب الدينية والمحاضرات والدروس في المساجد والمحافل والندوات أمام جمهور من المسلمين الألبان، والجاليات الإسلامية الأخرى.
وفي أثناء رجوعه من بليجكا إلى سوريا كتب كتاباً سماه ( مبادئ الإسلام) باللغة العربية، ثم أعده ونسقه وترجمه إلى اللغة الألبانية.
 كان الشيخ في حالة شوق دائم إلى وطنه الأم ألبانيا لا سيما مسقط رأسه شكودرا، ونظراً لعدم تمكنه من دخول ألبانيا عمل سلسلة ( المراسيل) التي بعث بها إلى صديقه القديم في شكودرا السيد راسم زيكا، ونشرت هذه المراسيل بعد سقوط الشيوعية تحت عنوان ( مراسيل مهاجر).
وبعد سقوط الشيوعية في ألبانيا وظهور البديل وهو الديمقراطية كان الشيخ وهبي على اتصال دائم بصديقه حافظ صبرى كوتشى، وقدم له استعداده التام في النهوض بالدين الإسلامي ورقيه في ألبانيا، وتقديم كافة المساعدات في تحقيق ذلك.
وفي أثناء هذه الحقبة تمكن الشيخ وهبي من زيارة وطنه ألبانيا وتكررت زيارته مرات عديدة، لكنه كان حريصاً في زيارته على القيام بأنشطة علمية وثقافية من إلقاء الخطب، والمحاضرات والدروس الدينية، وأشرف على الكتب الدينية من أجل التوعية الدينية والتثقيف السليم للمسلمين في ألبانيا.
وألقى العديد من المحاضرات في موضوعات تعالج كثيرًا من مشكلات الواقع الألباني مثل (مكانة المرأة في الإسلام) وهى محاضرة ألقاها في المركز الثقافي الدولي في تيرانا.
كما ألقى محاضرات كثيرة في المتحف القومي، مع الطلبة الألبان وأولياء أمورهم ، حظيت بعناية فائقة واهتمام بالغ من وسائل الإعلام الألبانية.
وقضى معظم وقته في ألبانيا في مسقط رأسه مدينة شكودرا، وخطب في جامع باروتسا، ووسع نشاطه في التعاون مع المشيخة الألبانية ودار الإفتاء ووسع مجال الخطب والدروس والمحاضرات.
وحظيت دروسه ومحاضراته بالشهرة ونالت حظاً وافراً من الشهرة والإعجاب في جميع الأوساط الثقافية والفكرية في ألبانيا، إلى حد جعل الصحفى إدريس قالى- وهو من كبار الكتاب والصحفيين- يكتب عن نشاط وفكر وجهود الشيخ/ وهبي غاوجي في جريدة ( نور الإسلام).
هذا، وقد بدأ الشيخ وهبي غاوجي الكتابة والتأليف في سنة 1949م، فكتب باللغة العربية ما يقرب من واحد وعشرين كتاباً، منها على سبيل المثال: (أركان الإيمان) و (ملتقى الأبحر) و (حياة أبي حنيفة النعمان) و (تاريخ الفكر الإسلامي) و (شرح كتاب الفقه الأكبر لأبي حنيفة) و (محاسن القرآن الكريم) و (المرأة المسلمة) و (بيان الأدلة ) و (دحض الأخطاء في اتهام أبي حنيفة) وغير ذلك كثير.
أما الكتابة بالألبانية فقد بدأها في سنة 1974م، لكنه في السنوات الأخيرة بذل جهداً كبيرًا في التأليف والتصنيف لخدمة التوعية الدينية الإسلامية في ألبانيا.
ومصنفاته قد شاعت واشتهرت فقلما نجد بيتاً لألبانى مسلم إلا وهو ذاخر بكتبه ومؤلفاته، وطبعت بحوثه ومصنفاته في بلدان عديدة مثل بريشتينا، وسكوبيا وشكودرا، ووزعت كتبه مجاناً ودون مقابل على القراء والمثقفين في ألبانيا وفي المعاهد الدينية، ومراكز الثقافة الإسلامية.
كما أسهم في بناء وإنشاء المساجد والأعمال الخيرية، وتتميز مؤلفاته بالدقة والموضوعية، ومعالجة المشكلات الواقعية، وموضوعاته تترك أثراً بالغاً في نفس القارئ لا سيما كتابه (حياة الرسول صلى الله عليه وسلم) وبالتأمل فيما سبق يتضح لنا دون ريب أن الشيخ وهبي سليمان غاوجي  واحد من المناضلين الأحرار الذين بذلوا جهوداً جبارة في خدمة قضايا المسلمين وقضايا الشعب الألباني في منطقة البلقان وغيرها، كما يتضح أنه شخصية لا تعرف اليأس ولا المستحيل، بل كان يعمل ويجاهد حتى غطت نشاطاته وجهوده أصعدة كثيرة ليس فقط على المستوى المحلي بل على المستوى الدولي بصفة عامة.
هذا وقد شغلت المجازر البشعة التي تعرض لها العالم الإسلامي في كثير من بلدانه كقضية (البوسنة، والشيشان) وغيرهما جانباً مهماً من فكر الشيخ وهبي فهب يدافع عنها، إيماناً منه بعدالة تلك القضايا وإنصافاً لها.
ومن هنا نستطيع أن نشيد ونفتخر بذلك الدور الفعال لهذا الشيخ الجليل على الساحة الدولية، لا سيما وأنه ألباني خبير بما حدث للألبان في منطقة البلقان.
وقد عُنى الشيخ وهبي غاوجي بقضية كوسوفا واهتم بها اهتماماً بالغاً وشغلت حيزاً كبيراً من فكره لإيمانه العميق بحق كوسوفا في الاستقلال وحق شعبها في نيل الحرية وتقرير المصير كسائر شعوب العالم.
فهو يرى أن كوسوفا أرض ألبانية وأن الصرب اعتدوا عليها ظلماً دون وجه حق؛ لذلك ناشد المجتمع الدولي برعاية حقوق الشعب الألباني في كوسوفا، والعمل الجاد نحو تحقيق استقلال كوسوفا التام وتقرير مصيرها.
كما طالب المؤسسات الإعلامية والصحفية بإبراز مشكلة كوسوفا على العالم ليعرف الجميع حقيقة الوضع فيها لمساندة الشعب الألباني المغلوب على أمره.
وأخيرًا أقول : كان الشيخ وهبي غاوجي – رحمه الله - من أصحاب الإرادات الحرة والعزائم التي لا تَنِي تدافع عن الحق في كل مكان، وحق للشعب الألباني أن يفتخر الآن بكوادره ورواده الذين حملوا الأمانة وأدوها على أكمل وجه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق