الأحد، مايو 26، 2013

د . محمود جبريل رئيس وزراء ليبيا السابق ومسئول العلاقات الخارجية لـ " المسائية "




أتمنى أن ينجح الحوار الوطنى بمصر فبنجاح مصر تنجح الثورات العربية وبسقوطها يسقط العالم العربى
التوجه الدولى يريد سيطرة الإخوان على مقاليد الحكم فى شمال أفريقيا بتمويل ليبى
أتمنى من أصحاب الإسلام السياسي امتلاك نموذج ناجحاً للحكم لأن فشلهم سيصور فشل للإسلام
الغرب وأمريكا يريدان تطويع الربيع العربى من خلال وكلائهم بالمنطقة للسيطرة على البترول وأمن إسرائيل
مطلوب من الإسلاميين عدم إقصاء القوى الشبابية والسياسية لأن المشاركة سيعطيها الشرعية  والنجاح
الربيع العربى تحول إلى إسلامى
الخطر الحقيقى للثورات هو إسقاط المؤسسات التى انتخبناها
العالم العربى سيواجه مجاعة إن لم  يتكامل اقتصاديا و تكون ليبيا هى الممول للمشروع  العربى
لابد من الابتعاد عن ثنائيات العلمانية والإسلامية التى يزج بها فى مصر وليبيا وتونس بوتيرة واحدة مقصودة
الاستقرار لن يحدث إلا إذا استلم أصحاب الشباب مقاليد الحكم
الشباب تجاوزا النخبة التى تهلث لتحليل معجزات الشعوب و الشارع  أصبح يسير عكس الاتجاه
إن لم يستطيع الحاكمين إشراك الآخرين لن يكون لهم شرعية البقاء
لم نطلب التدخل الدولى فى ليبيا وجاء بضغط خليجى وطلب عربى 
أنا أمثل المستقبليون بعدما مللت من ثقافة الصراع الليبرالى الإسلامي اليسارى

حوار : أيمن عامر
أكد المفكر العربى الليبى الدكتور محمود جبريل رئيس وزراء ليبيا الأسبق و رئيس المكتب التنفيذي السابق للمجلس الانتقالي الوطني . ورئيس تحالف القوى الوطنية الليبية ومنسق ومسئول السياسات الخارجية بالمجلس الانتقالى الليبى حالياً أن الربيع العربى نتاج الاستبداد ودكتاتوريات الأنظمة العربية رافضاً أن يصور على أنه مؤامرة أمريكية وشباب دربوا بالغرب لتنفيذه مشيرا أن الغرب وأمريكا يريدون تطويع الربيع العربى من خلال وكلائهم بالمنطقة لتحقيق مصالحم والسيطرة على النفط العربى وحماية أمن إسرائيل وحزر جبريل فى حواره ل " المسائية " من حدوث مجاعة للعالم العربى فى حالة عدم تكامله اقتصاديا مقترحا أن تكون ليبيا الممول للمشروع الاقتصادى العربى  معترفاً أن الشعوب والشباب تجاوزوا النخب الذين يلهثون لملاحقة وتحليل ما يفعلون متمنيا من أصحاب الإسلام السياسى امتلاك نموذج اقتصادياً وسياسياً وتنموياً واجتماعياً ناجحاً للحكم منوها لأن فشل هذا التيار سينظر له فى الغرب على أنه فشل للإسلام مطالباً الإسلاميين عدم إقصاء القوى الشبابية والسياسية لأن إشراكها للقوى سيعطيها الشرعية فى الحكم و النجاح السياسى مؤكداً إن لم يستطيع الحاكمين إشراك الأخرين لن يكون لهم شرعية البقاء مشددا على ضرورة الابتعاد عن ثنائيات العلمانية والإسلامية التى يزج بها فى مصر وليبيا وتونس بوتيرة واحدة مقصودة وبنفس الطريقة متمنياً أن ينجح الحوار الوطنى بمصر مشدداً فبنجاح مصر تنجح الثورات العربية وبسقوطها يسقط العالم العربى . مجيباً على القضايا الشائكة فى الحوار التالى
*كيف ترى الربيع العربى ؟
** **  الربيع العربى تحول إلى إسلامى والثورات ستؤتى ثمارها على المدى الطويل و مطلوب تعميق قضايا الحوار والتسامح والتكامل والديمقراطية بعد سقوط الديكتاتوريات ولا ينبغى أن تسرق الثورات من الشباب لأنهم هم من دافعوا الثمن وليس النخب الذين يظهرون الآن  ومن ظهروا أول مرة فى الثورات لم يكن لهم انتماء سياسى أو حزبى أو دينى والتيارات السياسية عبارة عن قافلة بدأت تتحرك ولكنها لم تبدأ المسيرة والشباب حريصين على ألا تسرق الثورة وهناك من يرى الحراك العربى عبارة عن مؤامرة أمريكية ومخابراتية وأن شباب الفيس بوك تدربوا لها وهناك من يرى أن الربيع العربى نتاج طبيعى للاستبداد والطغيان الذى كان لابد أن يؤدى لهذا الانفجار ولكن وجهة نظرى الشخصية أنا لا أوافق على أن ما تم من ثورات الربيع العربى هو مؤامرة خارجية ولعل الأطراف الخارجية أخطأت فى تقييمها للتظاهرات كما أخطأت النظم ودفعت الثمن فى سقوطها كما أخطأت الأطراف الخارجية بمحاولة تصنيفها أن المظاهرات  أنها تتبع تيار أو ذاك . واختصار الربيع العربى على أنه مؤامرة غربية وشباب درب فى أمريكا ليس صحيحاً لأن هناك عوامل داخلية كثيرا فاقت هذه المؤامرة  فثورات الخبز لم تتوقف فضلا أن مفجر الثورة التونسية الأولى بوعزيزى هذا البطل لم يكن له علاقة بالفيس بوك . و إن كان الغرب يحاول تطويع وتشكيل ثورات الربيع العربى  لمصالحة وذلك من خلال وكلاء إقليميين  لهم حساباتهم السياسية والموالين له داخل المنطقة بهدف سيطرة امريكا على النفط العربى وأمن إسرائيل
**كيف ترى حكم الإسلام السياسى لثورات الربيع العربى ؟
** إذا أراد الإسلاميون أن يحكموا فلابد أن يمتلكوا نموذج اقتصادي وتنموى حقيقى و قوى وذلك بعد اتهام القوميون بالإفلاس واليساريين بالجعجعة وهناك انتظار وتربص للتيار الإسلامى ولذلك يجب أن يكون واعى  لأنه لو فشل سينظر الغرب لذلك على أنه فشل للإسلام  و ونحن جميعا كقوى سياسية بكافة أطيافها لا يجب أن نقبل ذلك . ولكن علينا أن نسأل أصحاب التيار الإسلامي  هل أنتم جاهزين للحكم أم إنكم وقعتم فى ورطة . والغرب يريد أن يهزم الإسلام السياسى ذاته بذاته لأنهم حكموا بدون أدوات حقيقية تحل المشاكل الموجودة والتنموية منها بالدرجة الأولى وعلينا أن نتسلح بالمعرفة والعلم والتكنولوجيا ولابد أن يمتلك الربيع العربى إرادة سياسية ورؤية تنموية حقيقية لنجاح تجربة الإسلام السياسى ومواكبة العالم وشركات عابرة القارات لأن هناك مواقع اختراق كثيرة قد تأخرنا لعشرات السنين والاحتمالات مفتوحة ونتمنى من الأخوة فى الحكم أن يمتلكوا نموذج حقيقى يكسبهم الشرعية عن طريق مشاركة الأخرين من شباب الثورة والمعارضة حتى لا يهزموا أنفسهم بأنفسهم
*كيف تقرأ المتغيرات المستقبلية للعالمين العربى والدولى ؟
  ** فى بداية فترة الثمانينات والتسعينات بدأت العولمة  تلقى بظلال حقيقية لتشكيل المشهد الكونى  وهناك ثلاث مؤشرات ستستمر معنا فى الخمسين سنة القادمة الأول البعد الديمغرافى فسكان العالم فى 2025 سيقتربوا من عشرة مليار نسمة وسيكون التضخم السكانى الأكبر فى قارة أفريقيا وذلك خلال عام 2050 وسيصل سكان العالم حوالى 260 مليون
تقارير الامم المتحدة تجمع على أن نسبة كبيرة من الشباب سيتجهون للشمال بحثاً عن العمل
فى حين أن مصر وتونس الجزائر والمغرب  92 % من الزخم السكانى بينما ليبيا تعانى من تناقص سكانى وسيكون هناك اختلالات وسيكون هناك نقص بشرى ووجود فوائض نفطية  وسيكون أمامنا إما التكامل أو التصادم
المؤشر الثانى هو التحالف الأبدى بين التكنولوجيا ورأس المال . 93 % من نفقات البحوث فى العالم تنفقها خمسين شركة فى العالم وهو ما نتج عنه المؤشر الثالث وهو اقتصاد فائق الرمزية الذى يعتمد على حركة دوران الأموال فى الوقت الذى بدأ الاقتصاد الحقيقى يتدنى فى حين أصبح الاقتصاد الفائق الرمزية 12 ضعفاً للاقتصاد الحقيقى .
المؤشرات الثلاث الأول  التضخم البشرى والثانى التحالف الأبدى بين التكنولوجيا ورأس المال والتناقص فى الإنتاج والثالث ظهور اقتصاديات فائقة الرمزية . حتما ستؤدى إلى حدوث مجاعات . خاصة أن الاقتصاد فائق الرمزية ترتب عليه الأزمة المالية العالمية لأن المال فى عصر الصناعة كان ينتج منتجات وخدمات لكن المال فى الاقتصاد فائق الرمزية فينتج مال . والمطلوب تمويل مشروعات منتجة حقيقية وليس تمويل مشروعات استهلاكية غير قادرة على المنافسة ولابد أن ينظر النخبة والاقتصاديون إلى هوية رأس المال ذو الفائدة والخبرات المؤسساتية ولا تترك الأمور على عواهلها
*برأيك هل الثورات غيرت المستوى الثقافى  للأجيال والشباب ؟
** ظاهرة التواصل ما بين قيم وثقافات أصبحت تعبر الحدود فأصبح الفرد البسيط بجهاز كمبيوتر يستطيع التواصل مع أى فرد وفى أى مكان وما ترتب عليه كسر  كثير من الافتراضات التى أنشأتها الأجهزة الأمنية فى الأنظمة العربية أولاها كسر عقدة الخوف فبدلا ما كانت الرصاصة تخيف وتفرق أصبحت تجمع وتصعد فأصبحت ثقافة الشباب الجديدة لا تعرف الخوف فضلا أن انحدار ظاهرة النخب التى تعتمد على التثقيفات المتراكمة وبزوغ جيل جديد يبحث عن الكرامة فى حين لم أسمع لفظ الديمقراطية فى ثلاث دول مصر وليبيا وتونس فضلا عن غياب التصدى للاستعمار الصهيونى والامريكى وعدم الاتباط بالقضية الفلسطينية فى بادىء الثورات وهو ما يعبر عن فقه الأولويات . الأمر الثانى المظاهرات كسرت الأجهزة الأمنية فبعدما كانت الأجهزة الأمنية تتصدى لمظاهرة فى ميدان ومدينة إلا أنه ليس هناك جهاز أمنى أو حربى يستطيع مكافحة مظاهرة فى ربوع الوطن فضلا أن خطأ الأجهزة الأمنية أنها مولت المظاهرات بإفراطها بالقتل فكلما زاد القتل زاد تقدم الشباب لأن الأجهزة الأمنية لم تدرك أنها منطلقات شعبية .
* لكن شباب ثورة 25 يناير كانت قضية فلسطين نصب أعينهم منذ انطلاق الثورة فنظموا مسيرات من ميدان التحرير فى يوم الأرض وذكرى النكبة ويوم القدس العالمى من ميدان التحرير إلى الجامعة العربية ثم إلى الأمم المتحدة وانتهاءً بسفارتى أمريكا وبريطانيا فضلا عن تنظيم مليونية بالتحرير أول أيام العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة العام الماضى  تأييداً للشعب والقضية الفلسطينية فضلا عن اقتحام سفارة الاحتلال الإسرائيلى إثر قتل الضباط على الحدود وإقتحام سفارة أمريكا بسبب الفيلم المسىء للنبى الكريم
** بالتأكيد كل هذا شىء عظيم ولابد أن يعمم فى باقى الثورات العربية .
*هل ترى أن المفكرون تواصلوا مع حركة الثورات وتطلعات الشعوب ؟
** ما حدث هو بزوغ مجتمع المعرفة وظاهرة التواصل التى ترتب عليها استباق المادى على المعنوى فكان دائماً يبشر المفكرون بالثورات لكن ما حدث أننا نلهث وراء ما يحدث ونتوقف عن الجديد ونتأخر عما سيحدث فى المستقبل فى حين الفضائيات تلحق لمجرد تلاحق الظواهر . فثورات الربيع العربى فاجأت الجميع . حتى الذى تنبأ بإرهاصات لم يكن يتوقع حجم ما حدث ويحدث فالشارع أصبح أكثر تقدما من النخب فى مبادراته والنخب أصبحت محصورة بين أربع جدران تتابع ما يحدث وتحاول أن تفهم وتحلل والأحداث تسبقها وتلاحقها فالنخبة لم تلتحم الالتحام الكافى بالشارع والشعب وهذه هى المعضلة وإذا لم تلحق النخبة بالشارع قد يسير الشارع عكس الاتجاه . فالنخبة فى حالة متاهة فكرية وبالتالى لابد من مراجعة الأدوات والمناهج والتحليل لأن ما يحدث من حركة على مستوى الشارع العربى جديد بكل المقاييس
*كيف  حللت الموقف الأمريكي المتعاطى مع الثورة الليبية ؟
** أمريكا تأخرت فى قرارها لأنها لم تعرف من هو المجلس الوطنى الانتقالى وماذا يريد وكذلك الاتحاد الاوروبى  كان يصدر مجرد تكهنات حتى قبل 8 مارس فالبعض كان يرى المظاهرات سببها اقتصادى وستنتهى بسرعة والبعض قال أن الأمن سيجهضها لكن الشعب كان عزم وتوكل " الشعب يريد إسقاط النظام " وأسقطه
*وماذا عن الموقف الفرنسى ؟
** كان لى اجتماع اجتماع مع ساركوزى وسألنى هل ثورة أم حركة شعبية وبعدما كان الاعتراف بالثورة قضية واضحة فهناك شعب يذبح ليل نهار . فأراد ساركوزى تسجيل الاعتراف بالثورة الليبية حتى وإن تأخر
* كيف ترى السيناريوهات المحتملة  ؟
** كل السيناريوهات محتملة , انقسامات تشرذم . سيطرة تيار على مقاليد الحكم . فهناك بوادر توجه دولى لأن يكون هناك تيار إسلامى معين له السيطرة فى منطقة الشمال الإفريقي وقد يصل هذا التيار إلى حكم ليبيا باعتبار ليبيا هى من تمتلك التمويل . وأتمنى أن التيارات الإسلامية إن حكمت ووصلت لمقاليد الحكم سواء فى مصر أو ليبيا أو تونس أن تمتلك نموذج اقتصادياً وسياسياً وتنموياً واجتماعياً ناجحاً للحكم لأن فشل هذا التيار سينظر له فى الغرب فشل للإسلام ونموذجه.  وبالتالى إذا تحققت له بعض النجاحات الغير متكاملة سينظر لها على أنها صدفة وليست مشتقة من نموذج إسلامى . وبالتالى نجاح هذه التيارات يتطلب منها ألا تقصى أحد من القوى الشبابية والسياسية لأن إشراكها للقوى الأخرى سيعطيها الشرعية فى الحكم وسيمهد لها نجاحات اقتصادية وسياسية . فإقصاء التيارات الأخرى سيكون نوع من هدم الذات لأنك عندما تقصى الأخر تقلص شرعيتك وإشراك الآخرين لابد أن يكون فى مقدمته الشباب والمرأة لأنهم كانوا القوة الحقيقية التى قادت الثورة ووقودها ولابد من تقديم رؤية تنويرية والابتعاد عن ثنائيات العلمانية والإسلامية التى يزج بها فى مصر وليبيا وتونس بوتيرة واحدة مقصودة وبنفس الطريقة
*كيف يحدث الاستقرار للربيع والعالم العربى ؟
** الاستقرار لن يحدث إلا إذا استلم أصحاب المقاليد الحكم  وهم الشباب . فإن لم تتعامل الأنظمة مع الشباب كشركاء حقيقيين للثورة والسلطة فأن عدم الاستقرار سيستمر فى حين بدأت النخب تقصى بعضها البعض فضلا أن أعداد كبيرة من الشباب العربى سيبحثون عن عمل وسكن وأيا كان التيار الحاكم إسلامى أو ليبرالى أو ماركسى إن لم يستطيع تقديم الحلول فلن يستطيع استمرار شرعية بقاءه وكذلك من لا يستطيع إشراك الأخرين لن يكون له شرعية البقاء فالاستحقاقات فى هذه الفترة استحقاقات وطنية وليست سياسية وإذا لم ينظر لها على أنها استحقاقات وطن سيؤدى هذا إلى مزيد من التشرذم والانقسام السياسى والاجتماعى
*لقد دعوت إلى الحوار الوطنى الليبى فإلى أين وصل الحوار ؟
** فكرة الحوار الوطنى دعا لها التحالف الوطنى الليبي مرات عديدة ولم يحالفها النجاح حتى الآن فى حين الحوار الوطنى بدأ فى اليمن وعلق بسبب أحداث الجنوب وبدأ على استحياء فى تونس وأتمنى أن يحدث حوار وطنى فى مصر فعندما تنجح مصر تنجح الثورات والبلاد العربية وعندما تسقط مصر تسقط  الثورات العربية .والمراهنة على حوار وطنى حقيقى يستطيع أن يحدث نجاح بعيداً عن صراعات التيارات والزعامات والمخرج قد يكون بدفع الشباب إلى مقاليد الأمور  وانضمام أهل الفكر إلى أهل الحركة والالتحام بالشباب
*هل المؤتمر الوطنى الليبى احتضن دعوتك للحوار ؟
** لم يقم المؤتمر الوطنى باحتضان مؤتمر الحوار وليس أمام القوى السياسية والقادة والمجتمع المدنى إلا الحوار فهو المخرج الوحيد للخروج من الأزمة حتى لا نترك الأخر أن يتلاعب بنا وبسيادتنا بعد التضحيات التى بزلت  لأن التاريخ سيكتب التضحيات والتنازلات  
*هل كان التدخل العسكرى الدولى فى ليبيا فى صالح الثورة أم ضد ليبيا ؟
** منذ انطلاق الثورة فى 17 فبراير 2011 وحتى 19 مارس لم تتوقف آلة القتل الجهنمية وكانت الاستغاثة بالأخ العربى والإسلامي  . انقدونا . فهل كان التدخل الخارجى خيارا أم اضطرارا ؟ بكل تأكيد كان اضطرارا فضلاً أن التدخل الخارجى بدأ بقرار مجلس التعاون الخليجى ثم بقرار من مجلس جامعة الدول العربية وبناءً عليه أصدر مجلس الأمن الدولى قرار حظر الطيران والتدخل العسكرى ونحن لم نتقدم بأى طلب شفوى أو كتابى للتدخل الخارجى على الارض الليبية وكنا وسنكون ضدها فى المستقبل وما حدث كان محاولة للمجتمع الدولى بضغط خليجى عربى لوقف المجازر . والتدخل الدولى كان حاسماً لأن القذافى كان مصمم القضاء على الشعب وثورته بمزيد من القتل والتدمير فى حين تغيرت الآلة الإعلامية  بمجرد التدخل الدولى فى 19 مارس حيث صورته على أنه استعمار صليبى جديد وانخدع كثير من الليبراليين الذين قالوا أنهم ضد القتل ولكن لابد ألا  تصل الاستغاثة إلى الاستقراء بالأجنبي فى حين أن القتل استمر شهر وخمسة أيام ولم يحرك أحدا ساكناً فماذا كان يستطيع الليبيين أن يفعلوا ؟ والتجربة السورية ماثلة الآن أمام العالم أجمع قتل وتشريد ملايين السوريين فى دول الجوار
*ما تقيمك للقدرات العربية ؟
** الواقع السورى مأساوي ولن يكون هناك حل سورى قبل أن تتهلهل سوريا تماما والعراق خارج المعادلة وينظر إلى ليبيا على أنها الممول لبعض المشاريع خصوصا بعد التململ فى الاتحاد الاروربى وعجز الموازنة المتراكم فى أمريكا وأيضا فى البرتغال واسبانيا وإذا كان ينظر لليبيا على أنها ممول فليكن فى إطار تكامل عربى حقيقى يقوم على نقل المعرفة ومطلوب رؤية تحليلية ومشروع للتكامل العربى وهوية إقتصادية وطنية عربية تستطيع منافسة وليس اقتصاد معولم . على أن تكون ليبيا ممول النموذج الجديد حتى لا نكون سوق استهلاكية وأن نمتص البطالة المصرية واستغلال الاموال الليبية الضائعة
*كيف تصف لنا الوضع الليبى الان ؟
**كل الاحتمالات مفتوحة لحالة الانسداد فى ليبيا الآن واتمنى ألا يحدث تدخل خارجى بعد خروج أفاضل على الفضائيات يطالبون بذلك ولم يخولهم أحد بالحديث باسم ليبيا وأسوأ الاحتمالات ألا نسير فى طريق الحوار الوطنى وتعميق الخلافات على الأرض واستمرار حالة الفوضى وحديث المسلحين وإسقاط الحكومة . فالخطر الحقيقى هو إسقاط المؤسسات التى انتخبناها فى يوليو 2012 . علما أن الكتائب المسلحة قامت بأدوار كبيرة فى صناعة القذافى والان يكملون المسيرة تحت مسمى بناء الدولة الديمقراطية ولو استخدموا كذريعة للتدخل الخارجى وانتهاك السيادة لن يسامحهم الله ولا الوطن ولا التاريخ . والحوار هو السبيل الوحيد لإعادة الثقة والتكامل والبناء , والمؤتمر الوطنى عليه دور كبير فى تحقيق هذا وذلك بعد خروج حزب باسم أحمد القذافى فى ليبيا وذلك نتاج الانقسام السياسى
*كيف ترى دور ليبيا الثورة فى أفريقيا ؟
**الدور الليبى فى أفريقيا مهم وضرورى لكن هناك أولويات وترتيب البيت الداخلى لابد أن يتم أولا بعد محاولات تقسيم ليبيا وعدم وجود شرطة وجيش وقضاء ولا مؤسسات فكيف نخطط فى أفريقيا ونحن لا نستطيع ترتيب ليبيا أولا
*ما تحليلك للصراع بين السنة والشيعة وهل تعتبره مؤامرة ضد العالم الإسلامى  ؟  
** بالفعل الصراع بين السنة والشيعة مؤامرة ليكون الجيل الرابع من الحروب هو الحرب بين السنة والشيعة ونصبح شعوب تحارب بعضها ونطلب بأنفسنا تدخل الأمريكان والغرب ليتدخلوا لحمايتنا فيصبح تدخلهم شرعى وهذه مؤامرة ضد العالم العربى والإسلامي ينفذها البعض بظاهر الوطنية .
*كيف ترى حل الثورة السورية من وجهة نظرك ؟
** أتمنى أن يحدث توحيد حقيقى للمعارضة والمقاومة السورية أولا بدلا من التشرذم الموجود حالياً وحتى لا نخيف العالم بقضية منقسمة . كما أجرينا فى المجلس الوطنى الانتقالى الليبى  فكنا نتحدث بصوت واحد فضلا أن أغلب المجالس والائتلافات السورية من الخارج فى حين كان مجلسنا من الداخل وهناك فرق شاسع لأن الداخل يشعر بلهيب الجبهة ويعطى الشرعية فكنا ثوار فى الجبهات ومتحدثين على المنصات , والان الجيش الحر يزخر بالإسلاميين  ولا يعبر عن أخريين . وقد قابلت برهان غليون رئيس الائتلاف السورى المعارض السابق فى باريس ونقلت له هذه الملحوظات . فمطلوب أولا وحدة المعارضة السورية ثانيا فى ظل عدم وجود تدخل  دولى كان يجب عدم خوض حرب نظامية ضد جيش نظامى فكنت أتمنى أن تكون حرب عصابات وعدم تشتيت قوتهم فى كثرة المواقع فى ادلب وحماة وغيرهما وتكثيف قوتهم فى العاصمة دمشق لأنه إذا سقطت العاصمة سقط النظام فلابد أن تكون الانتفاضة من الداخل فعندما سقطت طرابلس سقط القذافى ولقد نصحت الأخوة السوريين على هامش مجموعة الاتصال فى سبتمبر 2011 لكن ما حدث مغاير تماما لهذه النصائح
*هناك من يصنفك مفكر إسلامى وأخر يقول أنك عروبى وثالث يؤكد أنك ليبرالى فمن أنت ؟
** أنا أمثل تيار المعرفة لأننى ضد القولبة وتقبل ورفض أشياء بعينها وأيضا الحكم المسبق على أيدلوجيات معينة كالليبرالية أو اليسارية خطأ فأنا أسست منذ الثمانينيات مدرسة المستقبليون العرب " جمعية مستقبل العالم " فأنا احترم كل الأيدلوجيات و أبحث عن المعرفة أينما كانت والفرق على الأرض هو ما تقدمه من تعديل وخدمات ووظائف فأنا مللت من ثقافة الصراع الليبرالى الإسلامي والخير والشر

...............................................................................................................................
ولد الدكتور محمود جبريل في ليبيا عام 1952 حصل على البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 1975، وحاصل على الماجستير في العلوم السياسية من جامعة بتسبيرج بولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة عام 1980، وعلى الدكتوراه في التخطيط الاستراتيجي وصناعة القرار من نفس الجامعة عام 1984، حيث عمل فيها أستاذا للتخطيط الاستراتيجي عدة سنوات، صدر له حتى الآن عشرة كتب في التخطيط الإستراتيجي وصناعة القرار، قاد الفريق العربي الذي صمم وأعد دليل التدريب العربي الموحد، وقام بتنظيم وإدارة أول وثاني مؤتمر للتدريب في العالم العربي عام 1987 و1988، ثم تولى بعد ذلك تنظيم وإدارة العديد من برامج التدريب لقيادات الإدارة العليا في كثير من الدول العربية منها مصر والسعودية وليبيا والإمارات العربية والكويت والأردن والبحرين والمغرب وتونس وتركيا وبريطانيا ويعتبر الدكتور محمود جبريل من المناضلين من أجل ازدهار ورقي بلاده ليبيا وقد اشترط على عودته إلي ليبيا شروط هي في صالح الوطن وقد وافق النظام عليها بمضض ويعتبر مفخرة للبيت الاحرار جميعا 
ولكن طالما ذهبت احلام الدكتور محمود في رقي وتطور ليبيا ادراج الرياح حيث كان كل قرار يتخذه لمصلحة ليبيا يفآجئ بإنه يصطدم في صخرة الطاغية القذافي واذنابه 
والان هو منسق ومسؤول السياسيات الخارجية الليبية لدى المجلس الانتقالي الليبي
وذلك بعد انتفاضة الشعب الليبي الحر يوم 17 من فبراير



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق