الإخوة العرب
لقد بلغ السيل الزبى في قطرنا السوري، وجاوز الظلم المدى، وفي كل يوم تُزهق فيه الأرواح البريئة، تشكو لربها هذا الطغيان البشعَ الذي لا يتوقف، وتستصرخُ العرب وجامعة دولها أن يفعلوا شيئاً - ولو يسيراً – يُوقف آلة القتل والموت والدماء والخراب، وتحمّلهم – أمام ضمائرهم وتاريخهم - مسؤولية هذا العبث، وهذ ﻫ الهمجية التي طال عليها الأمد في سوريا، وقست قلوب القائمين عليها والمتورطين في أوحالها. بعد أن نُزعت الرحمة من قلوبهم ومشاعرهم وأحاسيسهم ..
إن الوضع الآن أيها الأخوة- لم يعد في حاجة إلي بيانات الإدانة والتنديد، ولكنه في أمس الحاجة إلي عمل جاد جرئ وعاجل، من قِبل العرب والدول العربية أولاً، ومن أحرار العالم كله ثانيًا ..
واعلموا أيها العرب الأكارم ! – أن من العار علينا أن يسجل تاريخنا المعاصر تدهورَ القُطر السوري الشقيق، وذَهابَه إلى هذا المصير المشؤوم، وأنتم هانئون وادعون، حكامًا كنتم أو محكومين..
وحيث لم يعد مجديا أن يستصرخ الأزهر هؤلاء الطغاة والمتجبرين، فإنه يوجه صرخته إلي الشعب الصامد في سوريا الشقيقة، وهو يدق أبواب الحرية والعدالة بيد مضرجة من دمائه الذكية ..
أيها الصامدون في سوريا الشقيقة !
اصــــبروا وصابـــروا ورابطوا .. وسيروا في طريقكم على بركــــــة الله، ولا تُستدرجوا إلي عنف أو مواجهة مسلحة في هذا الصراع البائس الكريه، .. ولكن دافعوا عن أنفسكم وأعراضكم ونسائكم وأطفالكم .. واعلموا أن من قُتل دون حقه فهو شهيد كما وعد بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذا وإن الأزهر ليصرخُ في وجو ﻫ هؤلاء الذين يستخدمهم الحكام في قتل إخوانهم المواطنـين، مذكراً إياهم بأن مهمة الجيوش هي حماية الشعوب والأوطان، وليس القمع والبطش والعـــــدوان، وعليهم أن يعلموا أن لا طاعـــة لمخلوق في معصية الخالق، وأن من أكبر الكبائر قتل النفوس بغير حق، وإراقة الدم الحرام، ولن يجديكم أمام ربكم يوم الحساب أن تقولوا : إن أوامر المتسلطين أجبرتنا على ذلك، فلا شرعيــــة لمن يقتل الشعب ويُريق دمه ويُيَتّم أطفاله ويرمل نساء ﻫ، هذا وإن دولة الظلم ســـاعة، ودولةُ الحق إلى قيام الساعة " وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ " (إبراهيم آية..42 ) .. صدق الله العظيم .
تحريراً في مشيخة الأزهر : 22 من ربيع أول ســنة 1433ﻫ
المــــــوافـق : 14 مــن فبراير سـنـة 2012 م شـيخ الأزهــر
أ.د/ أحمـــــد الطيب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق