نظمت الجامعة الأمريكية بالقاهرة ثاني حلقة نقاشية في سلسلة المائدة المستديرة بعنوان "ما وراء الأحداث"، لمعالجة القضايا الاقتصادية المعقدة التي تواجه مصر في عام 2012. عُقدت جلسة الحوار تحت عنوان "أزمة الاقتصاد في مصر بين التهوين والتهويل"، حيث ناقش أساتذة الجامعة الأمريكية د. جلال أمين؛ أستاذ فخري بالجامعة الأمريكية بالقاهرة وعالم الاقتصاد المعروف، ود. عبد العزيز عز العرب؛ أستاذ الاقتصاد السياسي، ود. محمد العسعس؛ مدرس علم الاقتصاد، ود. مُنال عبد الباقي؛ مدرس علم الاقتصاد بالجامعة، التحديات التي تواجه النظم المالية في مصر والآليات المطلوبة لإنعاش السوق المصري في الفترة المقبلة.
عٌقدت المائدة المستديرة، التي أدارها خالد داود؛ خريج الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ومساعد رئيس تحرير صحيفة الأهرام ويكلي والمراسل السابق لجريدة الأهرام في واشنطن، بحرم الجامعة الأمريكية بالقاهرة في ميدان التحرير وبحضور العديد من الصحفيين والإعلاميين المصريين والأجانب.
ووفقا لخبراء الجامعة الأمريكية بالقاهرة، يتطلب الوضع الاقتصادي المصري تحركاً عاجلاً. فمصر تخسر 1.8 مليار جنيه شهريا في حين أن الاحتياطي النقدي ينخفض بنحو 50 في المئة. وأوجز المتحدثون التحديات المباشرة التي يواجهها الاقتصاد المصري في البطالة، وغياب الأمن، وانعدام الشفافية، والقروض الأجنبية، والحاجة الماسة لإعادة هيكلة سياسات مصر الاقتصادية والنقدية.
يعتقد د. عز العرب أن ثورة يناير 2011 لم تكن السبب في تعثر الاقتصاد المصري، بل إن الاقتصاد المصري أخذ يحتضر منذ ما يقرب من 40 عاما مضت، وقال د. عز العرب: "في الواقع، أصبح تدهور الوضع الاقتصادي في مصر محركاً رئيسياً للإضرابات العمالية المتتالية والاضطرابات المدنية الواسعة والتي أدت في النهاية إلى قيام الثورة."
ومع ذلك، تتنبأ د. عبد الباقي في أن مصر، في غضون الأعوام العشرة المقبلة، ستصبح إندونيسيا الثانية، نظرا لوفرة مواردها الطبيعية والبشرية. فقد قالت د. عبد الباقي: "لدينا تسعة ملايين شاب وفتاة تتراوح أعمارهم ما بين 20 و 24 عاما، وهذه هي أهم قوة منتجة في البلد، لذا يجب علينا تلبية احتياجاتهم حتى يصبحوا فيما بعد هم قوتنا الشرائية". وترى د. عبد الباقي أنه ينبغي توجيه ما لا يقل عن 70 في المئة من الودائع المصرفية لمصادر الإنتاج الحقيقية مثل الزراعة والصناعة بدلاً من القروض وبطاقات الائتمان، كحل للخروج من الوضع الاقتصادي الراهن.
وفقاً للعسعس، فإن إعادة الكرامة الإنسانية للطبقات المهمشة في مصر، وتطوير التعليم، واستعادة الثقة في الاقتصاد المصري ككل، عوامل لا غنى عنها لحل مشكلات مصر الاقتصادية.
في كلمته قال د. أمين إنه وعلى الرغم من كونه من أشد المؤمنين بالعدالة الاجتماعية، إلا أنه يرى أن هذا ليس هو الوقت المناسب للمطالبة بتحقيقها أو الدعوة إلى وضع حد أدني وأقصي للأجور، وأضاف أمين: "نحن بحاجة إلى التركيز أكثر على تشجيع الاستثمار." وقد صنف أمين مشكلات مصر الاقتصادية إلى ثلاثة أنواع: مشكلات حقيقية وجسيمة لكنها قديمة ظهرت للمرة الأولى في أوائل السبعينات، ومشكلات عادية متوقع حدوثها بعد أي ثورة، ومشكلات وصفها بأنها "مدهشة" لأنها ناجمة عن قرارات خاطئة اتخذها صناع القرار أو أخرى صحيحة لم يتخذها صناع القرار في مصر بعد الثورة. وأوضح د. أمين: "الإجراءات الجائرة التي اتٌخذت بعد ثورة يناير 2011 أدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي في مصر، لأن القوى الحاكمة تفتقر الإرادة السياسية الحقيقية للإصلاح، إننا بحاجة إلي الجمع بين اقتصاد السوق وإرادة دولة قوية لمساعدة مصر للنهوض من عثرتها. "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق