خاطب
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف الشعب المصرى مقدما
التعازى لأسر الضحايا من أبناء مصر جميعاً مؤكداً فى بيانه للأمة أن الفتنة التي تُكشِّر عن
أنيابها من خلال أيادٍ داخليَّة
مُضلَّلة مضيفاً فى
بيانه الذى استلمت " المسائية " نسخة منه
أتحدَّثُ إليكم في هذه الأيام العصيبة
التي يمرُّ بها الوطن العزيز، وفي هذه الفتنة التي تُكشِّر عن أنيابها، وتقومُ
عليها أنظمةٌ أجنبيَّة، وتتورَّط فيها - للأسف - أيادٍ داخليَّة مُضلَّلة، وأتقدم
بخالص العزاء لأسر الشهداء والضحايا من أبناء مصر جميعًا، متمنيًا للجرحى
والمصابين عاجل الشفاء وتمام الصحَّة.
أيها المصريون:
لا يزالُ الأزهر الشريف، رغم محاولات
استقطابه وتسييسه والتأثير على ضمير عُلَمائه، وتشويه دوره الوطني من قِبَلِ
البعض، لا يزالُ يتَسامَى على كلِّ ذلك، ويأمل في أنْ يستَمِع الجميع إلى رسائله
الخالصة والمبرَّأة من كلِّ غَرَضٍ أو هوًى أو ميل.
رجال الأمن والقوات المسلحة:
أنتم خيرُ أجناد الأرض، وحِفظ الأمن
والوطن في الداخل والخارج أمانتُكم التي ستُسأَلون عنها أمامَ الله تعالى، وأنتم
على قدرها - بإذن الله - وبدونكم لن يتحقَّق للبلاد أمن ولا استقرار.
يُناشدكم الأزهر الذي يقفُ خلفَكم، أن
تتوَخَّوا الحذرَ والدقَّة وأنتم تنشُرون الأمن والأمان في رُبوع البلاد،
وتُفرِّقوا في حَذَرٍ شديد بين مَن يتظاهر سلميًّا ومَن يتظاهر للعُنف والتخريب
والقتل والدمار، فالحفاظ على أرواح المسالمين مسئوليتكم الكبرى.
وإنَّا لنُنَاشدكم التحلِّي بالصبر الجميل
الذي عهدناه فيكم تجاه انفعالات بعض المتظاهرين، ما داموا لم يعتدوا على مُقدَّرات
الوطن وأمن المواطنين، فإن خرجوا على كل ذلك فأنتم بهم خير كفيل في إطار القانون.
السادة المصريين من مختلف التيارات والقوى
السياسية والحزبية:
إنَّ الاختلاف سُنَّة الله في الكون وفي
الخليقة، لكنه لا يقدح في وطنيَّة أحد ولا يَصِمُه بالعداء والتَّخوين، وإني
أُناشدكم أن تفتحوا أبواب التصالح وأن ترتادوا آفاق التعاون من أجل وحدة البناء
واستقرار مصر المستقبل.
أبناء مصر من جماعة الإخوان والمتحالفين
معهم:
إنَّ مَشاهد العُنف لن تُكسِب استحقاقًا
لأحدٍ، والشرعية لا تُكتَسب بدماء تسيل ولا بفوضى تنتشرُ في البلاد والعباد، ونحن
على ثقة كبيرة في أنَّه لا تزال هناك فُرصة، ولا يزال هناك أملٌ ومُتَّسع للكثيرين
منكم ممَّن لم يثبت تحريضه على العنف والتخريب أن يجنَحَ إلى السلم وأن يتداعى إلى
الجلوس على مائدة الحلِّ السلمي، وأن يُسارع إلى حماية مصر بلَدِكم ووطنكم الذي
وُلِدتم فيه وتربَّيْتُم ونشأتم ودرجتم على أرضه وتُرابه وشربتم من نيله، تُسارعون
إلى حماية هذا البلد من الانزلاق إلى نماذج من الفتنة العمياء التي أحدقت ببلادٍ نعرفها
جميعًا وأتت على الأخضر واليابس.
إنَّ علينا أن نتفق جميعًا على أنَّ
مستقبل مصر لن يستقلَّ برسمه وصياغته فصيل دون فصيل، وأن من حق الجميع أن يُشارك
في صنع هذا المستقبل، وعلينا أيضًا أن نُقِرَّ جميعًا أن هيبة الدولة وسيادة
القانون هما صِماما الحِفاظ على أمن المواطن وأرواح المواطنين في كلِّ أقطار
الدنيا، وأنه مع العبث بأيٍّ من هذين الخطين الأحمرين فلا أمل لا في أمن ولا في
استقرار.
أقباط مصر ومسيحيِّيها:
لا يدَّخر الأزهر جُهدًا في التأكيد على
حُرمة كنائسِكم، ودور عِباداتكم، وأنَّ تخريبها أو مسَّها بسوءٍ ليس من الإسلام في
قليلٍ ولا كثير، والإسلام يبرأ من كلِّ هذه التجاوزات التي ترفضُها الأديان
والأعراف والقوانين وحضارات الإنسان، ولا يخفى علينا وعليكم أن محاولات جر البلاد
إلى فتنة طائفية هي خطة شيطانية وافدة، وهي محكوم عليها بالخيبة والفشل - بإذن
الله - فمصر كانت وستبقى دومًا أبيَّة على مثل هذه المحاولات الدَّنيئة.
أصدقاءنا في العالم الخارجي:
إنَّ مصر برجالها وأبنائها قادرةٌ على
تجاوُز هذه المرحلة، وأن إعادة ترتيب شئونها الداخلية أمر يسير جدًّا إذا ما
التزمت دول العالم بقوانين الأمم المتحدة وبمواثيقها وبأعراف العالم، وبخاصة بمبدأ
عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، وعليكم أن تعلموا إن لم تكونوا
تعلمون أن مصر بحضارتها العريقة التي تعرفونها هي أكبر من أي إملاء أو تآمُر كائنا
من كان المملي أو المتآمر، ونذكركم بأن الله أكبر منكم، وأن قدرته غالبة، وأن الله
غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
نسأل الله سبحانه وتعالى العلي الكريم أن
يحفظ مصر وشعبها وأن يقيها كل شر وكل سوء وكل مكروه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق