*لن تستقل المحاماة إلا إذا استقل القضاء والعكس صحيح
*المحامون في تونس عانوا كثيرًا من تكميم السلطة لأفواههم
*مجلس نقابة المحامين في العراق غير شرعي
*لنا دور استشاري في الأمم المتحدة و الجامعة العربية واليونسكو
*المحكمة الجنائية الدولية استعمار غربي جديد للعالم العربي
أجرى الحوار : أيمن عامر
كان هناك استقلال للمحاماة والمحامين حينما كان القضاء مستقلا ويشكل ضمانة لحقوق الناس ، لكن القضاء بدأ يضعف في العالم العربي ، وحينما يقوى القضاء ويتحقق له الاستقلال ستستقل المحاماة وتقوى والعكس صحيح .
هذا ما أكده إبراهيم السملالي أمين عام اتحاد المحامين العرب مضيفًا في حواره مع "موقع المحامين" أن المحاماة تعاني معاناة شديدة في العالم العربي ، ولن تفيق إلا بترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان ، مشددًا على أنه دعَّم القضايا القومية العربية ولم يقصر في الاهتمام بالقضايا المهنية .
وأضاف أن المحامي الذي لا يستطيع الدفاع عن حقوقه لا يستطيع الدفاع عن حقوق المواطنين ، مطالبًا بإقامة محكمة جنائية عربية تفصل في النزاعات العربية وتحمي الرؤساء من الاستهداف الغربي ، مؤكدًا أن المحكمة الجنائية الدولية تمثل استعمار جديد للعالم العربي .
وهذا نص الحوار ..
* فى البداية نريد معرفة دور الاتحاد مهنيًا وقوميًا ؟
* اتحاد المحامين العرب مؤسسة مستقلة لها قانونها الأساسي الذي يوحد كل المحامين في الوطن العربي ،وهؤلاء المحامون يبذلون جهدهم الآن لوضع قانون مهني يوحد الفكر القانوني والقضائي ، وكذلك يوحد الفكر القومي حول القضية الفلسطينية دفاعًا عن إخواننا في فلسطين وعن كرامتهم وأيضًا من أجل تقرير مصيرهم واستقلالهم .
ولذلك فالاتحاد اعتاد الدفاع عن القضية الفلسطينية وهي بطبيعة الحال قضية وطنية قومية ولا يتخلى عنها إلا جاحد أو رجل ليس وطنيًا أو عربيًا ؛ لأن القضية الفلسطينية تكاد تكون جزءًا من حياتنا اليومية فلا يكاد يمر يوم من الأيام إلا وهناك مهرجانات وندوات مختلفة لصالح القضية الفلسطينية وهو توجه نسير عليه بشكل مستمر .
*ولكن هناك نقد موجه للاتحاد بأنه يهتم أكثر بالقضايا القومية على حساب القضايا المهنية فى حين أن لائحة الاتحاد تنص على الاهتمام بالقضايا المهنية والقومية معًا فما قولك ؟
**الحقيقة سؤالك دقيق جدًا وهو أن الاتحاد له شق مهني وآخر قومي، فمن حيث الجانب المهني فسؤالك صحيح وأنا عندما تحملت المسؤولية في الاتحاد وجدت نفس الملاحظة ، ولذلك وضعت برنامج من أول يوم من أجل الاهتمام بالشئون القومية ولكن بالقدر نفسه أو أكثر نهتم بالقضايا المهنية ؛ لأن الذي يتعلم مهنة المحاماة ويدرسها جيدًا ويتشبع بها لا بد أن تصبح جزءًا من حياته بل من سلوكه الحالي والمستقبلي ، والمحامي بطبيعة الحال لابد أن يكون ذات ثقافة واسعة سواء في الجانب الفلسفي أو الجانب الاقتصادي أو الجانب القانوني أو الجانب المهني حتى يكون جديرًا بكافة القضايا المهنية والقومية والحياتية ، ولذلك قررت إعادة ترتيب الأوراق بالنسبة لسير العمل في الاتحاد ، وقررت أن أضع برنامجًا جيدًا لمهنة المحاماة وللمحامين من خلال التشبع بهذه المهنة ، وخاصةً أن القانون الأساسي للاتحاد يهتم بالمهنة كسائر القوانين العربية والتي عندما تقرأها تجدها جيدة من الناحية النظرية بعكس الممارسة والتطبيق ، فلا تجد إلا القليل من حيث الممارسة ولذلك حاولنا أن نخلق شحنة أو روحًا في المحامين العرب بالاهتمام بمهنتهم والاهتمام بشئونها حتى لا يبقوا متأخرين؛ لأن التأخير يسبب أضرارًا فادحة لهم بالنسبة لحقوقهم وحقوق الذين يدافعون عنهم.
* وما الخطوات التي اتخذتها لتدعيم الجانب المهني على المستوى العربي ؟
** أجريت العديد من الاتصالات بوزراء العدل في بلدانهم للتنسيق معهم وللقيام بندوات مشتركة تنعكس موضوعاتها في تثقيف المحامين بحق الدفاع و الحرية و الدفاع عن حرية الناس والوقوف إلي جانب المظلومين والأخذ بأيادي كل الذين يطالبون بحقوقهم عن طريق تشكيل كثير من الندوات العلمية، وقد قمنا بندوات علمية في القاهرة و تونس والكويت والمغرب حيث بدأنا بصغار المحامين المتدربين ، وفي الوقت نفسه وضعنا لهم برنامجًا تثقيفيًا عن مهنة المحاماة ليعرفوا كيف يمسكون بملفات وكلائهم و كيف يدافعون عن زملائهم و كيف يتعاملون مع القضاة.
كذلك أشركنا المحامين معنا في كثير من مؤتمراتنا ومكاتبنا وعقدنا ندوات قانونية لتثقيف المحامين وتدريبهم على كيفية فتح الملفات أو أخذ المبادئ المتعلقة بحق الدفاع أمام المحكمة أو التحقيق إلى آخره ،وهذا التوجه مستمر إلى الآن لرفع مستوى مهنة المحاماة؛ لأن المحاماة تبدأ بتطور أصحابها -وهم المحامون- ومواكبتهم لكل القوانين والتشريعات والأعراف وتقاليد المهنة.
فلذلك أقول إن اتحاد المحامين العرب كما أنه يهتم بالجانب القومي لا يفرط في الجانب المهني و يهتم بهما معًا وكل مؤتمراته المسجلة في أدبيات اتحادنا هنا سواء في نشراته في قانونه أو مجلته تحث المحامين على التطوير سواء كانوا متدربين أم رسميين . المهم أن الاتحاد لا يقصر أبدًا مع المحامين المنتسبين إليه.
*وهل استجابت الدول العربية لتوجهاتكم ؟
** نعم كان هناك سباق في المغرب لتنفيذ هذه التوجهات وما ألاحظه في المغرب أن وزارة العدل تقوم بأخذ رأي النقابات والمحامين عند عمل أي تشريعات قانونية سواء كان الأمر يتعلق بالقوانين أم بالتقاعد أم بالتأمين على الصحة أم بمختلف النواحي التي لها ارتباط بالمحامين أيضًا , كما شعرنا بالاهتمام المهني بحلقات هيئات التحكيم في مصر أحيانًا ،لكن كثيرًا بالأردن وسوريا ولبنان .
* البعض يرى أن دور الاتحاد غير فاعل كمراقب في الجامعة العربية والأمم المتحدة وكذلك في الاتحاد العالمي لحقوق الإنسان فكيف ترى ذلك؟
** اتحاد المحامين العرب منظمة لها حق استشاري في الأمم المتحدة ولها حق استشاري في الجامعة العربية وكل المنظمات الهامة كاليونسكو وغيرها، ونحن مستشارون في كثير من القضايا الوطنية والقومية ولنا علاقات واسعة مع كل المنظمات الحقوقية والدولية التي تناضل من أجل قضياها الوطنية والمهنية.
* كيف ترى مستوى المحامي العربي بالمقارنة بنظيره الغربي ؟
** لقد كونت شبكة من العلاقات بين المحامين العرب والمحامين الغربيين ولاحظت أن المحامين الغربيين تجاوزوا من حيث الزمن المشاكل الموجودة في الوطن العربي . فالمحامون في الوطن العربي مازالوا يدافعون عن استقلالهم في كثير من البلاد العربية في حين أن الغربيين الآن تخطوا ذلك و يشتغلون فى قضايا البيزنس والعلاقات المالية وارتباط البنوك والملكية الفكرية إلى آخره، بينما المحامي العربي لم يصل إلى تلك الدرجة بسبب انشغاله بقضاياه المهنية والتي تؤثر على اهتمامه بقضاياه الوطنية ؛ولذلك نركز على القضايا القومية والسياسية أكثر من أي جانب آخر.
* هل ترى أن المحكمة الجنائية الدولية تستهدف العالم العربي ورؤساءه؟
** المحكمة الجنائية الدولية هي أداة من الأدوات التي تعبر عن استعمار غربي جديد ، وإلا لماذا تكيل بمكيالين وتغمض عينها عن القضايا العربية وجرائم أمريكا في العراق وأفغانستان وجرائم إسرائيل في فلسطين وكل التقارير التي تطالب بمحاكمة إسرائيل، فى حين تستهدف السودان وتلاحق الرئيس عمر البشير وتطالب بمحاكمته ، فالمحكمة الجنائية الدولية أصبحت أداة الحروب الصليبية التي جاءت منذ ألف عام وتحاول تنفيذها من خلال قرار المدعي العام لإلقاء القبض على عمر البشير رئيس جمهورية السودان العربية .
* ولماذا لا يوجد محكمة جنائية عربية تفصل في النزاعات العربية بدلا من اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية والتي تستهدف تقويض العالم العربي ؟
** لو استطعنا أن نصل إلى هذا الحل واستطعنا أن نقنع الجامعة العربية بتشكيل محكمة عربية لمثل هذه القضايا سيفلت الحُكام العرب من ملاحقة ومؤامرات الغرب ومحاولات إلقاء القبض على الرؤساء العرب ظلمًا وعدوانًا ،وهذا يحتاج إلى لائحة وطنية وقومية وتحقيق وحدة عربية ومساعدة المقاومة الفلسطينية والعربية لوقف التربص الغربي بمحكمته ، فالذي لا يستطيع الغرب أن يحققه بواسطة استعماره القديم بالضغوط والاحتلال والاعتقالات يحاول تحقيقه الآن من خلال المحكمة الجنائية الدولية.
* وكيف تقام المحكمة الجنائية العربية فعليًا ؟
** إقامة المحكمة الجنائية العربية تحتاج إلى إرادة حكومات الشعوب العربية وموافقتهم على تأسيس هذه المحكمة . لكن الحكومات العربية منها من يخضع للأوامر الأمريكية أو الفرنسية ومنها لرأي الغرب والتوجهات الغربية , فهذه الحكومات هي التى تمانع في خلق هذه المحكمة الجنائية العربية . علمًا أنه لو استطعنا أن نخلق هذه المحكمة لحللنا كثيرًا من المشاكل خاصة بعد أن نضع لها قانونها الأساسي ونتفق عليه ،والعرب لديهم كافة الإمكانيات التنموية التي ليست لدى غيرهم في الغرب ؛ولذا كان من الممكن أن تتأسس مثل هذه المحكمة وكان على الجامعة العربية أن تضغط أكثر على أعضائها لإقامة هذه المحكمة لتكون الحل لكل القضايا العربية ، وخاصة أن الغرب يحاول في الظروف الراهنة وما بعدها استهداف الدول العربية والإسلامية والرؤساء العرب ، وبالتأكيد ستحاول المحكمة الجنائية معاودة استهداف وخنق البشير وتقديمه للمحاكمة بعد الاستفتاء في السودان والانفصال.
* في حالة انفصال الجنوب هل ستقبلون بعضويتها باتحاد المحامين العرب ؟
** أنا لا أريد أن أستبق الأحداث قبل ظهور إعلان نتيجة الاستفتاء ومعرفة هل ستكون هناك نقابة للمحامين بجنوب السودان أم لا ، وأيضًا هل ستكون هذه النقابة مستقلة بقانون حر أم أنها ستكون من النوع المعين سواء في نقيبها أو فى أعضائها, فلا يمكن لي أن أجيب إلا إذا استقرت الأمور، حينها ممكن للاتحاد أن يقرر ما يجب القيام به حيال نقابة المحامين في جنوب السودان .
* كيف ترى أحوال المحامين العراقيين في ظل الاحتلال ولماذا علقتم عضوية نقابة محامي العراق بالاتحاد ؟
** اتحاد المحامين العرب يراقب الشرعية في العراق . وما جرى ويجري في العراق هو أن نقابة محامي العراق تعيش تحت ظل الاحتلال وإن لم يكن هناك احتلال فهناك وكلاء للاحتلال ،والمحاماة لها حساسية في مسألة الاستقلال, كلما لمست شيئًا يضر باستقلال مهنة المحاماة إلا وتجنبته وابتعدت عنه . فللعلم قد جرت انتخابات مجلس النقابة الجديد ونقيبها بالشكل الذي لا يتفق مع المبادئ الأساسية التي تدعو إليها القومية واستقلال المهنة وتدعو إليها المواثيق الدولية,ولذلك فى نظرنا مجلس نقابة المحامين في العراق هو مجلس غير شرعي لأنه ناتج تحت الاحتلال ، والهيئة الموجودة الآن ونقيبها لم يجر انتخابهم بالشكل المطلوب ولكن أكثرهم بما فيهم النقيب عينوا من طرف السلطة التنفيذية ونحن لا يمكن لنا أن نوافق أبدًا على مجلس مُعين ، وأقدم لك بيان جاءني من مركز المحاماة في بغداد يسمى التجمع المهني للمحامين العراقيين بعثوا لي بنسخة منه، إن نقيب المحامين الحالي في العراق يتصرف بشكل فردي عن إرادة المحامين وعن قوانينها الأساسية ، ويضيف البيان أن النقيب الحالي قام بإصدار أمر إداري رقم 280 في 11\10\2010 يتضمن معاقبة مجموعة من المحامين هم أعضاء منتخبون في المكتب الدائم للمحامين العرب هم ذكي جميل حافظ وهو شخصية قانونية وحقوقية معروفة سواء في العراق أو في الوطن العربي ، والدكتور صبري المهدي وهو أيضًا عضو منضم ونائب وأمين عام مساعد اتحاد المحامين العرب ، وعبد الرحيم حاتم حسن أمين عام مساعد لاتحاد المحامين، وإيقافهم عن مزاولة المحاماة وسحب هويتهم النقابية وإجراء التحقيق معهم ، في الوقت الذي ينبغي أن تتمتع فيه النقابة باستقلالية مهنية عن الحكومة بقانونها الأساسي والتي لا رقابة أو معقب على قرارها إلا أمام سلطة القضاء وهذه المخالفات تخالف الاستقلال المهني لنقابة محامي العراق كما أن هناك قمع يمارس ضد المحامين في العراق بالتنسيق مع السلطة العراقية للاستيلاء على حقوق المحامين وهذا ما أكده البيان .
* لقد أشرتم لضعف استقلال المحاماة في العراق فكيف تقيم هذا الاستقلال في العالم العربي ؟
** كان هناك استقلال للمحاماة والمحامين حينما كان القضاء مستقل فكان القضاء يشكل ضمانة لحقوق الناس لكن القضاء بدأ يضعف في العالم العربي وحينما يقوى القضاء ويكون له استقلال ستستقل المحاماة والعكس صحيح, فاستقلال المحاماة في الوطن العربي الآن بدأ يتآكل فلا أريد ان أعطيك أمثلة لما حدث لمحامي مصر مع القضاة ، وما انتهى إليه بحبس المحامين وكذلك ما حدث فى نقابة محامي اليمن ومعاناة المحامين الشديدة هناك وقد ورد إليّ اليوم بيان منهم وهم مصطفون أمام نقابتهم يطالبون بحقوقهم ويطالبون بالفصل بينهم وبين السلطة التنفيذية . وهناك أيضًا المحامون في تونس يتظاهرون ضد تكميم السلطة لأفواههم والمحامي الذي لا يستطيع الدفاع عن حقوقه لا يستطيع الدفاع عن حقوق المواطنين التي تتطلب أن يكون حرًا , على كل حال المحاماة الآن تعاني معاناة شديدة في الأيام الحاضرة وأعتقد أن الأمر يرتبط بتطور الديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي .
* كيف يعود استقلال المحاماة والقضاء من أجل إحقاق الحق والعدل وحماية حقوق الناس ؟
** من خلال الرجوع إلى أسس الثقافة العربية والإسلامية كما كان يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه "قد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا " والعودة أيضًا إلى ما تقدمه الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية الفكرية واتباع القانون الدولي في الغرب والحث على الإبداع في الثقافة وإصدار الكتب لتعليم الناس حقوقهم على كل المستويات سواء كانت علمية أم سياسية أم قانونية ومواكبة التكنولوجيا ،فنحن حينما نتعلم ونخلق جيلاً متعلمًا قويًا فإننا سنحقق الديمقراطية واستقلال القضاء واستقلال مهنة المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق