الإمام الأكبر: لا أؤمن بالحوار بين الأديان في مجال العقائد
أوصى فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وفد الكنيسة الإنجيلية بالولايات المتحدة بأن يظهروا للناس في عظاتهم الدعوة إلى الأخلاق الحسنة، وأن يبيِّنوا للناس الآثار السلبية السيئة للخروج عن الأخلاق؛ فالدين والأخلاق وجهان لعملة واحدة، ولا يمكن انفصال أحدهما عن الآخر؛ فالقتل والزنا - بكافة أشكاله - والسرقة وكل القبائح مرفوضة في الدين والخُلُق معًا؛ فما يأمر به الخُلُق الإنسانيّ يأمر به الدين، وما ينهى عنه كذلك، والعكس صحيح، كما أكد فضيلته للوفد خطورة التساهل في إضفاء المشروعية على القوانين التي تصادم الفطرة، وتتنكَّب الأخلاق السويَّة، وأكد ذلك بقوله: "لا تمكِّنوا العلمانية من الدين، بل اجعلوا الدين هو الحاكم على العلمانية، وكفانا ما فعلته العلمانية بالحضارة الغربية" وتَبِع تلك العبارة تصفيق حاد من أعضاء الوفد.
جاء ذلك خلال لقاء الإمام الأكبر بمقر مشيخة الأزهر، وفدًا من الكنيسة الإنجيلية بالولايات المتحدة وكندا والتي تمثل الكنيسة الإصلاحية هناك، وكان على رأس الوفد القس جو بلوت.
وقد أعلن فضيلة الإمام الأكبر أنه باستقراء التاريخ في القديم والحديث تبيَّن أن أسلوب فرض عقيدة بعينها، أو مذهب معين عبر القوة ؛ سواءً أكانت قوة القهر أم قوة المال - شيء تأباه الطبائع السليمة والعقول المنصفة - فالذي يريد فرض العولمة بالقوة، أو يسعى جاهدًا لشراء ضمائر الناس، واستغلال فقرهم واحتياجهم لإغرائهم بالتحول عن عقائدهم، كل ذلك محكوم عليه بالفشل، اللهم إلا إذكاء الضغينة والفتن بين الشعوب، وهذا يرفضه الأزهر رفضًا قاطعًا؛ فلا فرق عندنا بين محاولة تغيير عقائد الناس بالقوة أو باستغلال الحاجة.
وقد أبدى رئيس الوفد في كلمته سعادته بسماع ما قال الإمام الأكبر؛ لأن ذلك جاء تأكيدًا على رغباتهم التي يريدون بثها، وتمنوا أن يعمّ السلام العالم كله.
وفي إجابة فضيلة الإمام على سؤال عن حرية ممارسة غير المسلمين لشعائرهم في مصر، أوضح فضيلته أن المصريين من أصحاب الديانات السماوية الثلاث يمارسون شعائر دينهم بكل حرية، وقد أصر الأزهر على النص على ذلك في الدستور الجديد، وقد تم له ذلك ، فجاء نص الدستور: "ولغير المسلمين من أصحاب الديانات السماوية الثلاث الاحتكام إلى مبادئ شرائعهم في أحوالهم الشخصية، وفى شئونهم الدينية، وفى اختيار قياداتهم الروحانية"، وذلك لتحقيق حرية أصحاب كل دين في عاداتهم وزواجهم وشعائرهم، وهذا انطلاقًا من تعاليم الإسلام التي تنص على وجوب ترك أصحاب الديانات الأخرى وما يعتقدون، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم يعتبر أن الأديان كلها دين واحد؛ وهو الذي حمله آدم عليه السلام، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، ثم محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا يعتبر القرآن نفسه مصدقًا لما جاء بالتوراة والإنجيل، واصفًا كلًا منهما بأنه نور وهدى للناس ، مشيدًا فضيلته بالعلاقة بين الإسلام والمسيحية في مصر؛ فإنه برغم كل ما يحدث بين أتباعهما من أمور فإن العلاقة بينهم تمثّل صخرة يتحطم عليها كل محاولات شق الصف.
وقد علق القس إيميل زكي، من الكنيسة الإنجيلية المصرية، على ذلك بأن المسيحيين في مصر يتمتعون بكامل حقوق المواطنة؛ فلا فرق بين مسلم ومسيحي في الحقوقو والواجبات، وهم أمام القانون سواء، وأضاف إن هناك مجلسًا يسمى حوار الأديان يلتقي فيه المسلمون والمسيحيون بشكل مستمر، مؤكدًا على اعتزاز الكنيسة الإنجيلية بوسطية الأزهر على مدار العصور.
وفي إجابته على سؤال عن كيفية التحاور، أكد فضيلة الإمام أنه لا يؤمن بالحوار بين الأديان كعقائد؛ لأن العقائد مختلفة، ولكن الحوار يكون بين أتباع الأديان في كيفية التعايش السلمي بين الجميع، ناصحًا إياهم بالتعاون من أجل تحقيق التوازن النفسي والروحي بين البشر، وأن يكون الدين هو صاحب الصوت الأعلى في الحضارة الغربية بعد أن عَلَتْ الأصوات المادية والشيطانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق