أكَّد فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أنَّ حرية
التعبير يجب ألا تكون ذريعةً للإساءة إلى الآخَرين والسُّخرية من أنبيائهم ورموزهم
ومعتقداتهم، فلا يوجد أي مبرِّر أخلاقي أو اجتماعي لهذا السلوك الفاجر كما حدث في
هذا الفيلم المسيء للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، والذي أثار حفيظة أكثر من
مليار ونصف مسلم في شتَّى بقاع المعمورة، اللهمَّ إلا إذا كان الغرض من تلك
التصرفات الهمجية هو عرقلة مسار التحول الديمقراطي في بلدان الربيع العربي، جاء
ذلك خلال استقبال فضيلته لوزير خارجية فرنسا لوران فابيوس، والوفد المرافق لسيادته.
وأكَّد فضيلته أنَّ ما حدث يدلُّ على مَدى قصور نظرة الغرب لمقدَّسات الشعوب
الإسلامية؛ ممَّا يُؤثِّر سلبًا على السلام العالمي ويؤدِّي إلى نشْر الكراهية بين
الشعوب؛ لأنَّ أغلى شيء لدى المسلم هو دينه ومقدَّساته ورموزه الدِّينية، والتي من
أجلها يضحي بكل غالٍ ونفيس فداءً لها؛ ممَّا يتطلب من الشعوب الغربية وحكوماتها
والمنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ضرورة العمل على مُراعاة تلك الأصول
والثوابت لدى المسلمين، وإقرار القَرارات والقوانين اللازمة لردْع هؤلاء المتجرِّئين
على الإسلام وثوابته.
ومن جانبه قال وزير الخارجية الفرنسي: إن ما حدَث أساءَ للغرب كما أساءَ للشرق،
وأتَّفقُ مع فضيلة الإمام الأكبر إلا تكون حرية التعبير وسيلةً للنَّيْل من
الأديان ومقدَّساتها ورموزها، مع أهميَّة إقرار قانونٍ يجرِّمُ مثل تلك الأفعال المشينة،
وأشاد سيادته بالدور الرائد للأزهر الشريف عربيًّا وإسلاميًّا وعالميًّا، وبخاصَّة
في نشْر الفكر الوسطي للإسلام، الذي يجسِّد عظمة الدين الإسلامي الحنيف.
وقال فضيلة الإمام الأكبر: إننا إذ نُقدِّرُ لفرنسا والدول الغربية بعض مواقفها
المشرِّفة تجاه القضايا العربية، إلا أنَّنا لا نُنكِرُ حقيقة أنَّ الغرب أسهَمَ في
مصادرة حريات دول المنطقة من خلال مُساندته للأنظمة الديكتاتوريَّة، وخير شاهد على
ذلك ما حدث في الماضي وما يحدث الآن على أرض سوريا الشقيقة من مجازر تشيب لها
الولدان، ويندى لها جبين الإنسانية، ولم تستطع القوى الكبرى وقفَ تلك الكارثة اللاإنسانية،
والتي جعلت من سوريا مسرحًا لصراع القُوى الكبرى، وإدارة هذه المعركة عبرَ وكلائهم،
والتي يدفع ثمنَها الشعبُ السوري البريء.
وأضاف فضيلته: إن المولى - عزَّ وجلَّ - حفظ الشعب المصري من تلك المهالك
التي وقعت فيها بعض دول الربيع العربي، ويرجع الفضل في هذا إلى المخزون الديني والثقافي
للشعب المصري وحضارته التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، ووحدته الوطنية التي
وقفت حائطَ صدٍّ حمى مصر ممَّا وقع فيه الآخرون.
وأشاد السيد الوزير بمدى وعْي الشعب المصري وسُرعة استعادته لأمنه
واستقراره في فترة وجيزة، مقارنةً بما حدَث في أعرق الدول الديمقراطية وعلى رأسِها
فرنسا التي استغرقت أكثر من مائة عام بعد ثورتها حتى استعادت أمْنها واستِقرارها،
وكذا التحوُّل الدِّيمقراطي بطريقة سلمية أذهلت أعرق الديمقراطيات الحديثة في العالم؛
ممَّا جعل مراكز الأبحاث في انبهارٍ مستمر لسلوك هذا الشعب العريق قديمًا وحديثًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق