الأربعاء، يوليو 25، 2012


 

كلمات مختصرة للرئيس مرسى فى التهنئة بثورة 23 يوليو


نظرة مرسى لثورة 23 يوليو بين ما اكتسبته وما اخفقت فيه


 فى اطار سلسلة الاصدارات التى تخرج عن منتدى رفاعة الطهطاوى – بيت تفكير مصرى مستقل – تابع لعالم واحد للتنمية وحرصا من المنتدى على متابعة ومناقشةالأحداث السياسية الآنية والمتواصلة ومن خلال وحدة تحليل الخطاب السياسى كجزء من عمل منتدى رفاعة الطهطاوى التى تسعى لتقديم قراءة سريعة لما يتم تقديمه من خطب وكلمات سياسية  نقدم تحليل لكلمة  الرئيس محمد مرسى بمناسبة العيد الستين لثورة 23 يوليو.
لعلنا إذا تصفحنا التاريخ ونظرنا إلى أسباب قيام ثورة 23 يوليو والتى تتلخص فى شعور طبقات المجتمع البسيطة بالظلم الكبير فى ظل حكم الملك فاروق وعدم وجود عدالة اجتماعيةكذلك سيطرة أصحاب رأس المال على كافة قطاعات الدولة مع وجود اضرابات داخلية والصراع بين الإخوان المسلمون والحكومة ،الرغبة فى إجلاء القوات البريطانية وعدم الإستجابة لذلك وإذا ما قارنا هذه الأسباب بأسباب قيام ثورة ال25 من يناير سنجد أنها تقريبا نفس الأسباب مع اختلاف  الإحتلال والوجوه والأسماء غير أن الأولى ثورة قام بها الجيش وحماها الشعب أما الثانية فهى ثورة قام بها الشعب وسنختلف قليلا عما إذا كان الجيش حماها أم احتمى بها ومن هنا لم يعطى الرئيس محمد مرسى هذه المناسبة القدر المناسب فى كلمته بل انه اختصرها فى كلمات معدودة لاتعبر إلا عن تأكيده أنها ثورة قامت ولم تكمل اهدافها على عكس ثورة يناير الذى يتوقع لها النجاح الباهر وفيما يلى أهم ما لحظناه خلال الخطاب .
1- الرئيس مرسى يختصر فى كلماته بمناسبة ستون عاما على ثورة 23 يوليو 1952
على الرغم من أنها أول مناسبة قومية فى وجود الرئيس محمد مرسى  إلا أنه لم يعطها القدر المناسب من كلماته ربما يأتى ذلك فى استجابة للدعوات التى ناشدته بإختصار خطاباته ولكنه اختصرها بقدر زائد فلم تتعدى الكلمة السبع دقائق على عكس كل كلماته السابقة التى لم تقل الواحدة فيها عن عشرون دقيقة ويكون الجزء الأكبر منها خاص بالترحيب والشكر لفئات المجتمع بكافة اشكالها وانواعها لعل هذا يعكس انه لايريد الإهتمام بها كعيد قومى أو انه يريد أن يجعل ثورة يناير هى العيد الرسمى خاصة فى وجود مطالبات من عدة تيارات برغبتهم فى إلغاء عيد ثورة 23 يوليو ولذا جاءت كلماته مختصرة لا تحوى أى ايات افتتاحية تدل على النصر أو غيره من المناسب مع هذه الكلمة انما بدأ فى الكلمة بشكل مباشر بطريقة سياسية نمطية للغاية (بسم الله الرحمن الرحيم السيدات والسادة الأبناء والبنات يا أبناء شعب مصر العظيم......).
2- الدعوة لإعادة قراءة ثورة 23 يوليو لأخذ الدروس والعبر منها
(وتحتاج الأمم الواعية إلى إعادة قراءة هذه الأحداث لتصوب فيها ما قد يطرأ عليها من ضعف أو انحراف أو تغيير أو تبديل) اعتدنا خلال الإحتفالات بعيد ثورة 23 يوليو أن يكون احتفالا بأحد نماذج الكفاح التى قدمها الشعب المصرى فى تاريخه المعاصر  ولكن خالف الدكتور مرسى هذا النهج وحول هذه الثورة من نموذج  للنجاح  إلى تجربة تستحق اعادة قراءتها والإستفادة منها لعدم تكرار ما قد سبق وفشلت فيه  وجعلها مجرد بداية يبدأ منها الشعب المصرى فى الحصول على حقوقه التى طالب بها ولم يذكر أن الشعب قد عانى كثيرا حتى يحقق انتصاره بها وأن الرئيس جمال عبد الناصر قدم من خلال هذه الثورة نموذجا فريدا للعالم أجمع كان من الأحرى أن يتم ذكره خلال الكلمات الأولى للرئيس محمد مرسى .
3- ثورة يوليو اسست الجمهورية الأولى وثورة يناير بنت الجمهورية الثانية
("إن ثورة 23 يوليو 1952 كانت لحظة فارقة فى تاريخ مصر المعاصر وأسست الثورة الجمهورية الأولى.... وانحاز الجيش المصرى العظيم لإرادة الشعب ووقف مع خيار بناء الجمهورية الثانية على أساس من الحرية الحقيقية للجميع والديمقراطية وسيادة القانون والدولة الدستورية التى نسعى جميعا لبنائها الآن)
فى إشارة من الرئيس لما حققته ثورة 23 يوليو من تغيير النظام السياسى فى مصر  من النظام الملكى إلى النظام الجمهورى فكانت الجمهورية الأولى، جمهورية التأميمات، والإصلاح الزراعي، ومجانية التعليم، وبناء السد العالي، والنهوض بالصناعة المصرية واعتبر بذلك أن ثورة يوليو فقط أسست للجمهورية الأولى أما ثورة يناير التى يظل معها غياب الأمن وشكوى ارتفاع الأسعار وحدوث المخالفات فى كل مكان واستشراء الفساد وعدم تراجعه اعتبر بذلك بناء للجمهورية الثانية فنحن مازلنا نحاول تجميع الأحجار الأولى ولم نرتبها حتى الآن حتى يمكننا القول أن مصر بنت الجمهورية الثانية لايعنى بالضرورة أننا قضينا على نظام استمر مستبد أو اننا بذلك بنينا الجمهورية الثانية فقد نكون بإختيارنا وإرادتنا قد جلبنا نظاما جديدا ولا نعلم ماهيته حتى الآن ولم  تتضح أية معالم للجمهورية الثانية التى أطلقناها بدون أساس واضح .
4- مرسى يضع ثورة يناير فى مصاف الحركات الشعبية التى أثرت فى تاريخ الأمة المصرية
("إن ثورة يناير 2011.. هى بالتأكيد امتداد للتاريخ النضالى للأمة المصرية، الممتد منذ فترات الثورات الشعبية فى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، من أجل حياة حرة ديمقراطية متكاملة وعدالة اجتماعية راشدة....)
تعتبر ثورة 25 يناير هي الثورة الخامسة في تاريخ مصر المعاصر الذي بدأ منذ بداية القرن التاسع عشر أولها كانت الثورة التي أوصلت محمد علي للحكم في سنة 1805 ، وثانيها كانت ثورة عرابي في 1881 ، وثالثها ثورة سعد زغلول 1919 ، ورابعها ثورة 23 يوليو 1952 ولكن الرئيس مرسى هنا لم يرد ادخال ثورة يوليو فى مصاف الثورات الشعبية على الرغم من أن الشعب ساهم فيها بقدر كبير إلا أنه لم يذكرها فى اشارته ولكنه اقتصر على الثورات الثلاث الأولى ربما لأنها ثورة قادها الضباط وهى التى جلبت العسكر إلى الحكم كما وأنه فى أعقابها كانت اسوأ الفترات التى عانى فيها الإخوان المسلمون ولذا أشار لهم فى  ذكر ضحايا الإخوان المسلمون واعتبرهم أنهم من حملوا ارواحهم على أكفهم فالرئيس مرسى كعادة القادة السياسين لاينسون خلفياتهم أيا ما كانت فمن كانت خلفيته عسكرية يظل متمسكا بها ومن كانت خلفيته إخوانية يبقى كذلك أيضا ،( وستظل مصر تذكر كل من أعطى عبر هذا المسار الطويل من الذين ضحوا وحملوا أرواحهم على أكفهم فى اللحظات العصيبة).
5-تقييم الرئيس مرسى لثورة يوليو
(حاولت ثورة 23 يوليو أن ترسى مفهوما للعدالة الاجتماعية والتنمية المخططة، وحشد الموارد من أجل مشروع وطنى متكامل.. ونجحت الثورة فى بعض هذه الأهداف، وتعثرت فى أهداف أخرى وخصوصا فى ملف الديمقراطية والحريات والتى تضاءلت مساحتها عبر الأنظمة المختلفة،)
 تعد ثورة 23 يوليو من الثورات التى غيرت مجرى التاريخ ولايمكن لأحد أن يغفل نجاحاتها وما جلبته للمصرين من التخلص من نظام ملكى بائد والدخول إلى النظام الجمهورى وقامت الثورة للمطالبة بستة مطالب هم القضاء على الإقطاع ، القضاء على الإستعمار ،القضاء على سيطرة رأس المال، إقامة حياة ديمقراطية سليمة، إقامة جيش وطنى قوى، إقامة عدالة اجتماعية ومن يراجع التاريخ يجد أن هذه الثورة حققت أهدافها بشكل كبير ولكن تقييم د.مرسى لها جاء غير ذلك فهو اعتبر ما تبعها من تقييد لعمل الإخوان وابعادهم عن مراكز السلطة ومحاصرتهم هو بمثابة انكار للديمقراطية والحرية فأعتبر أن ذلك تعثر فى اهداف أخرى والتى تقلصت مساحاتها من خلال تغير الأنظمة المختلفة مشيرا إلى ما تعرضت له جماعة الإخوان فى فترة حكم جمال عبد الناصر  فجاء تقييمه مخالفا لما سجله التاريخ لهذه الثورة .
6-ثورة يناير تصحيح للمسار وتصويب للأخطاء
(وكان لابد لشعب المصرى من تصحيح المسار وتصويب الأخطاء.. فثار ثورته الثانية فى 25 يناير 2011، ليعيد الأمر إلى نصابه.. فهذه الأمة مدفوعة دائما بإرادة أبنائها وبإرثها وحضارتها نحو تصحيح ما شذ من الأوضاع) .
يبدو انه من كثرة اهتمام الرئيس مرسى بثورة يناير دون الثورات السابقة ذكرها على أنها الثورة الثانية بينما هى الثورة الخامسة فى تاريخ مصر ولكن مايقصده هنا بأنها ثورة تكميلية لثورة يوليو ولكنها تأخرت إلى حد بعيد فهى جاءت بعد 59 عام لم يكن طوال هذه الفترة الشعب يعانى من الإستبداد والظلم ولكنه فقط فى أخر ثلاثون عاما وبالأخص فى العشر سنوات الأخيرة عانى المصريون كثيرا من الفقر والظلم وما جعلهم يثورون بلا ترتيب هو مشروع التوريث الذى كان يكرث لجعل مصر ملكية فى ثوب جمهورى ولذا رأى الدكتور محمد مرسى أنها جاءت كتصحيح للمسار وتعديل للأوضاع الفاسدة التى استشرت بشكل كبير فى العشر سنوات الأخيرة ومن هنا فإن الربط بين ثورة يناير كونها الموجة الثانية لثورة يوليو ربط غير دقيق وأنها جاءت لتصحيح مسار ثورة يوليو هذا غير صحيح فهى جاءت كإنتفاضة شعب ثار على الظلم والطغيان ولايمكن أن ننكر مكتسبات ثورة يوليو وما قدمته من انجازات واعادة مصر لمكانتها الريادية وأن الإخوان فقط هم من تتضرروا من هذه الثورة وأنه من الطبيعى فى تاريخ الثورات أن يكون لها فترات قمة ثم تنحدر تدريجيا ويعود الظلم والفساد وبدون ذلك فلما تتكرر الثورات .
7- الرئيس مرسى يجعل المشاركة الشعبية والتمكين الإجتماعى من اهم العوامل لإنجاح ثورة يناير
(وإننا وفى إطار سعينا لإقامة مشروع نهضة وطنى وتنمية لبلدنا بسواعد أبنائها، لابد أن نتعلم من هذا الدرس وأن نعى تماما كل النجاحات والإخفاقات، وأن نوقن تماما أن التمكين المجتمعى ودعم المشاركة الشعبية هو أهم العوامل التى تحمى تجربتنا وتدعم ثورتنا العظيمة والتى سنعمل جميعا من أجلها ونبذل فى سبيلها كل ما نملك ....)
لمن لايعلم منا ماهو مشروع النهضة الذى يقدمه الدكتور محمد مرسى والذى طرحه فى برنامجه الإنتخابى وعنوانه (نهضة مصرية بمرجعية اسلامية ) والمشروع يقوم بالأساس على تمكين الشعب والمجتمع ووضع مقدرات المجتمع فى يد الشعب لا فى يد أى طاغية أو روتين حكومى فاسد  وأنه ينطلق من الفهم الوسطى الشامل للشريعة الإسلامية وضرورة تهيئة المجتمع  وترتيبه واصلاح تشريعاته وهذا ماجاء نصا فى المقدمة التعريفية بمشروع النهضة ومن هنا جاءت مفاهيم المشاركة الشعبية والتمكين الإجتماعى التى ذكرها الدكتور مرسى والتى نادى بها منذ بداية اعلان ترشحه للرئاسة المصرية ولكننا حتى الآن لم نرى تمكين اجتماعى واحد يمكن أن ندلل به على أن مشروع النهضة قد بدأ بالفعل فى حيز التنفيذ والذى يرى من خلالها إمكانية تحقيق نجاح ثورة يناير واعتقد ان هذا المشروع يحتاج لإستفتاء شعبي لأنه فى طياته الكثير من الأمور التى تحتاج التوضيح .

8- الرئيس لم ينس الجيش المصرى فى التهنئة بثورة يوليو
(وانحاز الجيش المصرى العظيم لإرادة الشعب ووقف مع خيار بناء الجمهورية الثانية على أساس من الحرية الحقيقية للجميع والديمقراطية وسيادة القانون والدولة الدستورية)  فى حين أن الرئيس يتحدث عن الثورات والحركات الشعبية لم ينس ذكر مؤسسة الجيش كحامى رئيسى للثورة واعتبر أن ذلك هو الدور الأسمى للجيش الذى لعبه خلال ثورة يناير وأنه بذلك انحاز لإرادة الشعب كما يتردد خاصة وأن الجيش يعد طرفا أساسيا فى معظم الثورات التى مرت على تاريخ مصر سوى ثورة 1919 هى الوحيدة التي لم يكن لجيش مصر أثر واضح في قيامها وحمايتها أو تنفيذها. وهنا يفصل الرئيس بين مؤسسة الجيش وبين المجلس الأعلى للقوات المسلحة  وأننا لاننسى أن انحياز الجيش للشعب بدأ من انضمام بعض ضباطه للشعب المصرى والذى غلفها الجيش بعد ذلك بما تم من إجراءات وما أعلنه من انضمامه من اللحظة الأولى لصفوف الشعب المصرى وثواره .
ومن أهم تساؤلاتنا للرئيس حول هذه الكلمة
1- هل كان اختصار الرئيس للكلمة فى هذه المناسبة هو امتثالا لعدم الإطالة فى كلماته أم لأنها مجرد كلمة مضطر أن يليقها فى مناسبة قومية مثل هذه ؟
2- وضع الرئيس مرسى الإحتفال بثورة 23 يوليو فى وضع المقارنة بثورة 25 يناير فما المقصود من ذلك هل فى ذلك مقدمة للإستجابة للدعوات التى تطالب بإلغاء عيد ثورة يوليو والإكتفاء بعيد ثورة يناير ؟
3- استخدم الرئيس مرسى هذه المناسبة وتحدث بشكل أكبر عن ثورة يناير ألا يثير ذلك استياء الناصريين والمؤيدين بشكل كبير لثورة يوليو باعتبار أنه هذه كلمة لإثبات أن ثورة يناير هى الحل رغم أنها لم تنجز أيا من مطالبها حتى الآن ؟
4- إذا كان مشروع النهضة  يقوم بالأساس على فكرة المشاركة المجتمعية والتمكين الإجتماعى فمتى سيبدأ تنفيذ هذا المشروع ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق